عاجزة عن حل المشاكل الاجتماعية المطروحة قال حسن المرضي الكاتب العام الوطني للنقابة الشعبية للمأجورين، إن الحكومة الحالية عاجزة اليوم عن حل المشاكل المطروحة، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي دفعت السوق المغربية نحو دائرة الركود، ما ينعكس سلبا على جميع القطاعات، و بالتالي فإن حكومة بنكيران وجدت صعوبة في الوفاء بوعودها فيما يتعلق بسلم الأجور، خاصة أنها رفعت شعارات رنانة أيام الحملات الانتخابية لكن الشعارات شيء و الواقع شيء آخر، و أنها لم ترق بعد إلى المستوى الذي طالما انتظره الجميع، لكونها لم تولي أهمية كبرى للقضايا الاجتماعية، بل على العكس من ذلك، ساهمت في تأزيمها. و أوضح حسن المرضي في معرض حديثه، أن حكومة الأستاذ بنكيران ما زالت تواصل سياسة الإقصاء و التهميش ضد عدد من المركزيات النقابية، مخالفة بذلك مقتضيات الدستور الجديد، الذي تنص بنوده على الدور الذي تحضى به المعارضة في البرلمان، و ما بالك في النقابات التي تعنى بالشأن الاجتماعي، حيث يتم استدعاء خمس نقابات للحوار الاجتماعي من بينها ثلاث مركزيات نقابية لا تتوفر على 6℅ كعتبة حسب ما هو منصوص عليه في مدونة الشغل، في الوقت الذي لا يتوفر فيه قطاع الوظيفة العمومية و المؤسسات العمومية على نص قانوني يحدد "النقابة الأكثر تمثيلية" بل هذه التمثيلية محددة بالنسبة للقطاع الخاص فقط طبقا لمدونة الشغل. التفاصيل في نص الحوار التالي: أجرى الحوار: إدريس عدار- النهار المغربية ما هو تقييمكم لعمل الحكومة في ضوء التعاطي مع القضايا الاجتماعية؟ من المعلوم أن هذه الحكومة انبثقت عن دستور ديمقراطي شاركت فيه جميع القوى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الحقوقية و المجتمع المدني، و باعتبار الدستور الجديد؛ الميثاق التاريخي الذي كرس للتلاحم الكبير بين العرش و الشعب في الألفية الثالثة، وهذا إن دل على شيء؛ فإنما يدل على أن الظروف متوفرة لهذه الحكومة على غير الحكومات السابقة، إلا أننا نسجل بأسف كبير أن هذه الحكومة لم ترق بعد إلى المستوى الذي طالما انتظره الجميع، لكونها لم تولي أهمية كبرى للقضايا الاجتماعية، بل على العكس من ذلك، ساهمت في تأزيمها. فمن جهة لا تعتمد على حكامة جيدة في تدبير الملفات بشكل يضع حدا لأساليب الفساد والمحسوبية والنهب والتسيير التقليدي الذي أصبح متجاوزا في المرحلة الراهنة، و من جهة أخرى، التأخير في التطبيق الفعلي للأوراش الاجتماعية التي نادت بها خلال حملاتها الانتخابية على أرض الواقع ، كما أن ورش التنزيل السليم للدستور متعثر و لا زلنا لحد الساعة و بعد مرور أكثر من 100 يوم على تنصيب الحكومة. ننتظر بشغف كبير المشروع التشريعي و برمجة الاستحقاقات المقبلة التي تعتبر الباب السليم لإنجاح ورش الديمقراطية. هل تمكنت الحكومة من الإجابة و لو جزئيا على مطالب الشغيلة؟ لا أظن، بل إن ملف الشغيلة ظل و سيظل دائما عالقا، ما دامت الحكومة لم تتخذ إجراءات تطبيقية لتحسين أوضاع هذه الفئة، ربما هناك أيادي خفية تتلاعب بالملف الاجتماعي، زيادة على أنه ليس للحكومة منهجية عملية تمكن من التغلب على هذا الملف الشائك. و هنا نسجل استمرار الحكومة في نهج نفس أسلوب الإقصاء و التهميش على بعض المركزيات؛ و هو الأسلوب الذي تبنته الحكومات السابقة، فهي لم تأت بالجديد بل ظل الأمر كما كان في السابق. كيف ترون عدم وفاء الحكومة بوعودها فيما يتعلق بسلم الأجور؟ بحكم احتكاكنا بالملفات الاجتماعية و اتصالنا المباشر مع الفئات المستضعفة لمسنا عدم إمكانية الحكومة تدبير ملف الأجور، و لم نلمس أي تقدم في هذا الملف و خير دليل على ذلك، كون المجلس الأعلى للوظيفة العمومية لم يجتمع و لو مرة منذ تعيين هذه الحكومة، رغم مراسلتنا لرئيس الحكومة الذي يعتبر الرئيس الفعلي للمجلس. فالحكومة الحالية عاجزة اليوم عن حل المشاكل المطروحة، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي دفعت السوق المغربية نحو دائرة الركود، ما ينعكس سلبا على جميع القطاعات، و بالتالي فإن حكومة بنكيران وجدت صعوبة في الوفاء بوعودها فيما يتعلق بسلم الأجور، خاصة أنها رفعت شعارات رنانة أيام الحملات الانتخابية لكن الشعارات شيء و الواقع شيء آخر. ما هو موقفكم من معايير الحكومة حول النقابات الأكثر تمثيلية؟ بناء على مجموعة من المعطيات أرفض مصطلح "النقابة الأكثر تمثيلية" الذي أريد به باطل كمعيار ترتكز عليه الحكومة في التحاور مع المركزيات النقابية، و هنا أطرح السؤال العريض: كيف تتحاور الحكومة مع من يتوفر على 33,90 % و يتم إقصاء من يتوفرون على 64,28 % ؟ و كيف يتم استدعاء خمس نقابات للحوار الاجتماعي من بينها ثلاث مركزيات نقابية لا تتوفر على 6℅ كعتبة حسب ما هو منصوص عليه في مدونة الشغل، في الوقت الذي لا يتوفر فيه قطاع الوظيفة العمومية و المؤسسات العمومية على نص قانوني يحدد "النقابة الأكثر تمثيلية" بل هذه التمثيلية محددة بالنسبة للقطاع الخاص فقط؟ طبقا لمدونة الشغل، و نحن في النقابة الشعبية للمأجورين نعتبر أن الحكومة ما زالت تواصل سياسة الإقصاء و التهميش ضد عدد من المركزيات النقابية، مخالفة بذلك مقتضيات الدستور الجديد، الذي تنص بنوده على الدور الذي تحضى به المعارضة في البرلمان، و ما بالك في النقابات التي تعنى بالشأن الاجتماعي. نتائج انتخابات ممثلي المأجورين لسنة 2009، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التشغيل و التكوين المهني ووزارة الوظيفة العمومية. المستقلون، عدد المقاعد، 11 608، النسبة المئوية، 64,28، الأغلبية التي يطالها الإقصاء الاتحاد المغربي للشغل، عدد المقاعد، 2 481، النسبة المئوية، 13,74، تتوفر على العتبة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عدد المقاعد، 1 393، النسبة المئوية، 7,71، تتوفر على العتبة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، عدد المقاعد، 1 045، النسبة المئوية، 5,79، لا تتوفر على العتبة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عدد المقاعد، 683، النسبة المئوية، 3,78، لا تتوفر على العتبة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، عدد المقاعد، 520، النسبة المئوية، 2,88، لا تتوفر على العتبة بقية النقابات ( المشاركة )، عدد المقاعد، 333، النسبة المئوية، 1,84، دون العتبة لذلك أرى أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب من الحكومة إشراك جميع المركزيات النقابية في الحوار خاصة وأن لكل مركزية مطالب تهم منخرطيها الذين أصبحوا يعيشون ظروفا صعبة جراء، الغلاء الذي مس مختلف المواد الغذائية والخدمات الأساسية. وأؤكد أن العائق الذي يقف في وجه ممثلي النقابات يكمن في نسبة تمثيلية النقابة، والتي حددت حسب الفصل 425 من مدونة الشغل في 6 % من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العمومي والخاص، وعلى مستوى المقاولة أو المؤسسة، فإن تحديد النقابة الأكثر تمثيلا يتم بناء على حصولها على 35 % على الأقل من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة. فالحكومة تستدعي النقابات للمشاركة في الحوار الاجتماعي تحت ذريعة "النقابات الأكثر تمثيلية"، فيما تغيب النقابات الأقل تمثيلية عن الحوار رغم كونها فاعلة في بعض القطاعات أو بعض الجهات، وأعتبر أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب من الحكومة إشراك جميع المركزيات النقابية في الحوار، خاصة وأن لكل مركزية مطالب تخص الفئة التي تمثلها، زيادة على الدور الذي تلعبه المركزيات فيما يتعلق بتأطير المأجورين لتمثيلهم في المؤسسات الوطنية، "وليس العمل النقابي التقليدي المبني على الإضراب وسمسرة الشغيلة بطرق ملتوية لخدمة المصالح الشخصية". ومن خلال هذا المنبر أحمل النقابات الممثلة في الحوار مسؤولية إقصاء نظيراتها و غض الطرف عن بعض النقابات التي لم تحصل على 6% من مجموع عدد مندوبي الأجراء التي تتحمل المسؤولية المشتركة والمتعلقة بمشاكل الطبقة الشغيلة. إلى أين يتجه الحوار الاجتماعي؟ الحكومة عندما تتحاور مع نقابات تعتبرها أكثر تمثيلية وتهمش باقي النقابات فالأكيد أن نتائج الحوار ستكون سلبية، لكونها لا تشرك جميع الممثلين الحقيقيين للمأجورين في الحوار الاجتماعي رغم أنهم لم يحظوا بما يسمى بالأكثر تمثيلية، التي تقتصر على القطاع الخاص فقط، رغم أن هذه النقابات حصلت على مراتب متقدمة في مؤسسات منتخبة عن طريق صناديق الاقتراع كالصندوق المغربي للتقاعد والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية و في بعض المجالس الإدارية و في مجالس الجهات، ولذلك فالنقابة التي يتسنى لها الحوار مع الحكومة هي النقابة المؤسسة طبقا للقانون و بناء على ملف مطلبي و على التمثيلية المحصل عليها عن طريق صناديق الاقتراع، و ليس حسب مزاج الحكومة دون الاعتماد على مقاييس مضبوطة و منصوص عليها قانونيا. ما هو مستقبل العمل النقابي بالمغرب؟ هناك ضعف في نسبة التواصل بين المركزيات النقابية و منخرطيها و عموم المأجورين باعتبارها المؤسسات المعنية بتأطيرهم وتمثيلهم، وهذا التواصل افتقدناه في السنوات الأخيرة بسبب تصرفات عدد من الانتهازيين الذين تسلطوا على العمل النقابي وأفقدوه الصواب، حيث يلعبون دور رجال المطافئ بين العمال وأرباب العمل بدعوى أنهم يفعلون قانون هو في حقيقة الأمر حبر على ورق، كما أن للحكومة المسؤولية الكبرى في تمييع العمل النقابي باعتماد أساليب الزبونية و المحسوبية و الريع النقابي لقضاء المصالح الشخصية. لذلك أرى أن مستقبل العمل النقابي رهين بعمل الحكومة على التنزيل السليم و السريع لمقتضيات الدستور الجديد و تفعيل الفصل الثامن منه لا سيما النص الذي وضع للنقابة الأسس المثلى للقيام بمهامها في أحسن الظروف، باعتبارها المؤسسة الدستورية التي تدافع عن حقوق و قضايا المأجورين في جميع القطاعات، لتضمن لهم مقومات العيش الكريم، و كذا الحد من سيطرة المتقاعدين على الأجهزة التقريرية طبقا لدفتر التحملات إضافة إلى الحد من الريع النقابي و تفعيل جميع القوانين و المناشير المتعلقة بالتسهيلات النقابية دون تمييز. على هذا الأساس جاءت "النقابة الشعبية للمأجورين" بأسلوب جديد قوامه الدعوى إلى الحوار الجاد والمسؤول، لرد الاعتبار للعمل النقابي داخل الساحة الوطنية بعدما أصبح شبه معطل، وتخليق وتفعيل العمل النقابي الجاد الذي تتبناه "النقابة الشعبية للمأجورين" مع مناضليها وعموم المأجورين على الصعيد الوطني. هل ستعرف الخارطة النقابية تحولات؟ للإشارة فقط، أقول أن النسبة المئوية لممثلي المأجورين المستقلين يعني الغير المنتمين لأي نقابة وصلت إلى 64,28%، و هذا له أكثر من دلالة؛ فممثلي المأجورين لم تعد لهم ثقة في النقابات التقليدية، و إذا ما ألقينا نظرة على الوضعية الداخلية التي تعرفها جل النقابات فهي تحز في القلب، فهناك صراعات تندر بالانفجار بين حين و آخر و هناك نقابات نسميها نقابة في المحفظة تظل نائمة و غائبة في الساحة الوطنية إلى حين إعلان الانتخابات فتظهر و تزكي أباطرة ليس لهم بالعمل النقابي صلة لا من قريب و لا من بعيد، فغياب ممثلي المأجورين في البرلمان له أكثر من دلالة. و تبقى الأساليب التقليدية في استمالة الناخبين الكبار بالمال و الوعود الكاذبة، و على الحكومة أن تأخذ في الحسبان أن النقابة الأقل تمثيلية اليوم ستصبح نقابة أكثر تمثيلية غدا أو العكس صحيح لذا وجب احترام القانون و فسح المجال لجميع المركزيات للدفاع عن مصالح منخرطيها. كلمة أخيرة ؟ سيكون مطلبنا دائما؛ التنزيل السليم لمقتضيات الدستور الجديد و اعتماد الشفافية، في تحمل المسؤولية و إعطاء الجميع فرص متكافئة، مادام هدف المغاربة قاطبة خدمة المصلحة العليا للوطن.