لا اعلم من باع الوطن ولكن رأيت من دفع الثمن محمود درويش
كثيرة هي الاحداث التي تفجرت وتحولت من احتجاج شعبي محلي الى قضية وطنية، يتداخل فيها الاقتصادي والاجتماعي بالسياسي، وتتجادبها اطراف متعددة، منها من يعتبر الانتفاضة الشعبية حقا يكفله الدستور مادامت المطالب مشروعة لا غبار عليها، والمطالبة بها تأخذ شكلها السلمي والمنطقي، ومنها من يرى فيها خروجا عن الطاعة، ومبعثا للقلاقل والفتن، وازعاجا للسلطات ، ومنها من يتلذذ بالازمات ويصطنعها، ويسعى لجر البلاد الى الهاوية خدمة لاجندة معينة.ومنها من يضحي من اجلها، ويعمل على رقيها وتطورها بين الامم…. واكبر خطر على الامة، هو اتساع رقعة الفقر والهشاشة، وارتفاع نسبة الامية والطلاق، و تقلص فرص الشغل وغلاء المعيشة، ومصادرة الحريات، وانتشار الجريمة وانعدام الامن، كما ان من الاولويات التي ينبغي التركيز عليها الهرم الثلاثي الذي هو التعليم والصحة والعدالة، لأنها بمثابة الوقود الذي يؤجج الاوضاع، ، ويقوض المجهودات، ويهدد السلم والاستقرار. وفي خضم الحراك الشعبي والمقاربة الامنية، يشتد الصراع الظاهر الخفي، وتحدث الانفلاتات، وتتكرر التجاوزات والانتهاكات، وتسطر الاتهامات، وتتواصل المحاكمات، وتحدد العقوبات بالشهور والسنوات، وفي نهاية المطاف، تصير الحقيقة مغيّبة، والمعلومات متضاربة، والوضع تلفه علامات استفهام،و يعود السؤال القديم الجديد ليكرر نفسه : اي مجتمع مغربي نريد؟ وما السبيل الى معالجة الاوضاع، وتصحيح الاخطاء، وتقويم الاختلالات بعيدا عن المزايدات السياسية، والمصالح الشخصية الانية، وفي احترام تام لمقتضيات الدستور، وحقوق الانسان، وفي تفاعل ايجابي بين كل مكونات المجتمع من مسؤولين ومنتخبين وسياسيين ورجال فكر ورجال اعمال ، وكافة القوى الحية في البلاد، وكل من يؤمن بالديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية. اننا ونحن نلامس بعض الحلول الممكنة، لا ندعي نجاعتها وقدرتها على فك الطلاسيم الواقفة في وجه تنمية مستديمة تتجاوب والطموحات الشعبية، وتطمع في بلوغ المدينة الفاضلة، التي يؤمها السلام ويعيش الناس فيها في وئام، ولكن لا نعدم تحقيق المراد إذا ما خلصت النوايا، واستنهضت الهمم، وتحققت الارادة اننا نأمل ان تفعل خريطة الطريق التي رسم معالمها صاحب الجلالة في كلمة القاها جلالته بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة والتي أشار فيها الى " المدينة الفاضلة التي تقوم على: " ربط المسؤولية بالمحاسبة، والعمل على إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة، للإشكالات والقضايا الملحة للمواطنين"….، المدينة الفاضلة : " التي لا نقوم فيها بالنقد من أجل النقد، ثم نترك الأمور على حالها. وإنما نريد معالجة الأوضاع، وتصحيح الأخطاء، وتقويم الاختلالات".. المدينة الفاضلة: التي "نؤسس فيها لمقاربة ناجعة، ولمسيرة من نوع جديد. المدينة الفاضلة التي :" تحقق للمغاربة التنمية المتوازنة والمنصفة، والتي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل، وخاصة للشباب، وتساهم في الاطمئنان والاستقرار ، والاندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية ، التي يطمح إليها كل مواطن. المدينة الفاضلة التي لا اثر فيها لمن يبيع الوطن، ولن ترى فيها من دفع الثمن.