لقي مواطن حتفه الأسبوع المنصرم بمخفر الدرك الملكي في ميضار، بعد ساعات على اعتقاله ووضعه رهن الحراسة النظرية. وكان المتوفى، عبد الله لمدني (55 عاما) يعمل مصلحا للأجهزة الكهربائية، وحسب أحد أقاربه فإنه لم يكن يعاني من أي مرض مزمن وكان يتمتع بقوة بدنية جيدة، الأمر الذي فاجأ أسرته ومعارفه عندما سقط عليهم خبر وفاته صبيحة اليوم التالي للاعتقال. ونقلت بعض المصادر بعين المكان أن الأمر يتعلق بمحاولة انتحار أقدم عليها الشخص المتوفى يوم الثلاثاء الماضي، حيث قام على الساعة السادسة مساء بصعود عمود كهربائي بشارع مولاي رشيد بمركز جماعة ميضار التابعة لإقليم الناظور، في محاولة منه للانتحار، لكنه ما أن شرع في التلاعب بالأسلاك الكهربائية حتى قطعت مصالح مكتب الكهرباء التيار عن المنطقة لتفادي حصول الكارثة، وبعد تجمع حشد من المواطنين لمشاهدة الحادث الذي استمر لأكثر من ساعة، وتحت توسل أبنائه وبعض المواطنين الذين كانوا بعين المكان، نزل من أعلى العمود ليجد في انتظاره مدير مكتب الكهرباء الذي دخل معه في عراك ورفض أن يطلقه لحال سبيله إلى حين حضور الدرك الذين تسلموه، وبدل الذهاب به إلى المستشفى لأخذ الإسعافات الأولية حملوه على متن سيارة شخصية إلى مركز الدرك. وقال قريب الراحل، الذي رفض ذكر هويته، في تصريح ل«المساء» إن الأخير كان يعاني من أزمات نفسية خطيرة ربما دفعته إلى الإقدام على محاولة الانتحار، وأضاف أن زوجة الراحل زارته ليلة اعتقاله وأحضرت له الأكل والأغطية، وفي صبيحة اليوم التالي عادت لزيارته لكن مسؤولي مخفر الدرك أخبروها بأنه يتوفر على كل شيء وردوها على أعقابها، وفي منتصف النهار نزل خبر وفاته بشكل مفاجئ ودون أي إعلام لذويه، حيث إن عناصر الدرك حاولوا التستر على خبر الوفاة إلى حين وصول سيارة الإسعاف التي حملت جثة الهالك إلى قسم التشريح بمستشفى الحسني بالناظور لتحديد أسباب الوفاة. وأفادت نتائج التشريح بأن الضحية توفي وفاة طبيعية، ولم تستطع العائلة القيام بتشريح مضاد على الجثة لدى جهة ثانية لغلاء التكلفة المالية، مما أبقى على شكوكها بكون الوفاة قد تكون نتيجة الإهمال أو التعسف على الضحية أثناء مكوثه رهن الحراسة النظرية عند الدرك بتهمة «السكر العلني ومحاولة الانتحار». وقال قريب الهالك ل«المساء» إن الوكيل العام للملك أخبر ذويه بأنه سيتم نقل جثته إلى الرباط للقيام بالتحاليل اللازمة، قبل تسليمها إلى أسرته اليوم الاثنين أو غدا الثلاثاء. وحول أسباب الوفاة في ضيافة الدرك قال: «لا نتهم أحدا والله هو الذي سيأخذ الحق». وعلاقة بنفس الموضوع، وجهت جمعية الريف لحقوق الإنسان رسالة إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالناظور، تلتمس فيها منه فتح تحقيق معمق لمعرفة أسباب الوفاة، ولمعرفة سبب عدم تقديم الإسعافات الأولية للضحية لحظة اعتقاله، وعدم استدعاء سيارة الإسعاف لنقله ليلا إلى المستشفى بعدما ظهرت عليه آثار التعب الشديد والألم الحاد، إلى حد جعلت النزيل الذي كان معه في الزنزانة يبقى مستيقظا طوال الليل إلى أن لفظ أنفاسه صباحا. وقال عبد الإله بنعبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تصريحات ل«المساء»، إن الجمعية تتوفر على ملفات عدة تخص حالات الوفيات داخل مخافر الدرك الملكي والشرطة، وإن هذه الممارسات لا تزال سارية في المغرب بالرغم من الحديث عن طي صفحة الماضي وصدور قانون تجريم التعذيب. وأضاف بنعبد السلام أن هذه الحالات كثيرا ما تتعرض للحفظ لدى عرضها أمام القضاء، بل أحيانا يتم التستر عليها من قبل المسؤولين، ضاربا مثلا على ذلك بحالة وفاة مواطن في الأقاليم الجنوبية مؤخرا، حيث حكم على الجاني بعشر سنوات سجنا، لكن الحكم قلص في مرحلة الاستئناف إلى عامين فقط، مشددا على أن الإفلات من العقاب لا يزال يطبع مثل هذه المتابعات.