لغة كرة القدم تهيمن على أجواء السياسة في ألمانيا هذا الأسبوع رغم التطورات المثيرة في المشهد السياسي المحلي ومفاجآته والمتغيرات في علاقات برلين مع أقرب حلفائها. ففي الملعب الأولمبي ببرلين، العاصمة الاتحادية، احتفل فريق بايرن ميونيخ بفوزه بكأس ألمانيا لكرة القدم، وذلك للمرة الرابعة عشر، وهو يستعد أيضا لتحقيق ثلاثية تاريخية. وقد استمرت أجواء الاحتفالات من برلين إلى ميونيخ حتى الصباح. بايرن ميونيخ «الظاهرة» بعد مرور أكثر من قرن على تأسيسه، يجدد نادي بايرن ميونيخ، أشهر الأندية الألمانية لكرة القدم، عهده بالانتصارات وهذه المرة بالأرقام القياسية، بفوزه بكأس ألمانيا نهاية الأسبوع الماضي على حساب بروسيا دورتموند، منتصرا بهدفين لواحد في الملعب الأولمبي ببرلين، حيث يظفر الفريق الأحمر باللقب للمرة الرابعة عشر، في تاريخه. وفاز الفريق بالكأس خمس مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو يستعد هذه الأيام ليحتفل بلقب ثان هو لقب بطولة دوري البوندسليغا، ويسعى إلى تحقيق ثلاثية تاريخية هذا الموسم في حال فوزه بلقب كأس الاتحاد الأوروبي «شابيونز ليغا» الذي وصل فيه إلى نصف النهاية. وتحمل الألقاب المتعددة التي حصلها أو يستعد النادي البافاري لتحصيلها، طعما خاصا خصوصا لبعض النجوم، وعلى رأسهم قائده حارس المرمى أوليفر كان الذي يستعد للاعتزال وهو حامل لألقاب تاريخية، كما سجلت انتصارات الفريق بمداد خاص من هدافه النجم الايطالي لوكا توني وهداف الدوري الألماني هذا العام، وكذلك بفضل النجم الفرنسي فرانك ريبيري صانع الألعاب وأسماء أخرى. أما مدربه أوتمار هيتسفيلد فهو لا يكاد يصدق ما يتحقق من إنجازات تاريخية وهو يغادر الفريق ليسلمه على طبق من ذهب لخلفه يورغ كلينسمان. وفريق البايرن ليس فريقا تقليديا، بل هو ظاهرة وتقف وراء إنجازاته ونجاحاته مؤسسة ضخمة من دوائر المال والشخصيات النافذة ولكن أيضا جمهور ملتزم ووفي لفريقه عبر اشتراكات سنوية ومتابعة ميدانية في كل رحلاته، إذ تضم جمعية مشجعي الفريق أكثر من 140 ألف عضو قار، على غرار أندية مانشستر يونايتد الانجليزي وبرشلونة، وليست وحدها الإعلانات والتسويق التجاري ما يساعد الفريق على الاستمرار في مسيرته، بل يساهم المشجعون في تمويل فريقهم عبر اشتراكات سنوية واقتناء تذاكر صالحة لحضور كل مباريات الفريق وترتفع قيمتها إلى خمسة آلاف يورو سنويا. لكن البيارن وراءه أيضا أغنى ولاية في أوروبا أي ولاية بافاريا، ويطلق عليها كاليفورنيا أوروبا، ويرأس مجلس إدارة النادي القيصر فرانز بيكنباور أسطورة كرة القدم الألمانية، والفريق له قدرات مالية جبارة إذ اشترى لاعبا مثل ريبيري ب26 مليون يورو. صفقة عسكرية ليبية كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن وجود خلاف بين الحكومتين الألمانية والفرنسية بشأن صفقة عسكرية لبيع 18 طائرة هيلكوبتر من طراز «تيغر» لليبيا، وبينما يحرص الرئيس نيكولا ساركوزي على إتمام الصفقة مع طرابلس بشأن الطائرات الألمانية الفرنسية الصنع -تصنعها شركة يوروكوبتر الفرنسية الألمانية- تبدي المستشارة أنجيلا ميركل اعتراضها عليها. وقالت المصادر إن باريس تحاول تمرير الصفقة منذ عام تقريبا لكن برلين تعارضها على الأقل الآن، ملاحظة أن باريس وبرلين ما إن توصلتا إلى تسوية لخلافهما حول مشروع الاتحاد المتوسطي، حتى ثار خلاف جديد حول صفقة ليبيا، وهو خلاف تعود ذيوله برأي عدد من المراقبين إلى مشروع المفاعل النووي الذي تعمل باريس على بيعه لليبيا، وكان قد جرى الاتفاق بشأنه بين الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس ساركوزي عندما تبادلا الزيارات. وتعاتب برلين ساركوزي على نزعته في الانفراد بالقرارات في قضايا خاضعة لشراكة ألمانية فرنسية أو لإطار أوروبي، ولا يبدو أن مسلسل الخلاف سيتوقف لأنه ينم عن تباين في أسلوب التعاطي مع ملفات تتقاطع فيها مصالح البلدين. اعتذار إسرائيلي لبرلين من المشاهد النادرة في علاقات ألمانيا بإسرائيل المحكومة بحساسية تاريخية كبيرة، أن يقدم السفير الإسرائيلي في ألمانيا على الاعتذار رسميا للحكومة الألمانية بسبب اعتداء وإهانات لفظية تعرض لها وفد برلماني ألماني من قبل مستوطنين يهود في مدينة الخليل، خلال زيارة كان يقوم بها الوفد الألماني للضفة الغربية الأسبوع الماضي، واضطروا إلى تغيير برنامج الجولة، عندما فوجئ الوفد المتكون من عدد من النواب الألمان أعضاء اللجنة القانونية في البوندستاغ، بسيل من «الإهانات والشتائم والتهديدات التي تفوه بها مستوطنون يهود»، كما قال متحدث من الوفد. وأكد نواب البوندستاغ أنهم تعرضوا لإهانات بينما كانت عناصر الجيش الإسرائيلي تتفرج ولم تتدخل، وهو ما أثار غضبا كبيرا في برلين، دفع وزارة الخارجية الألمانية إلى الاحتجاج على الحادث لدى الخارجية ورئاسة الوزراء الإسرائيليتين. وفي سياق آخر، دعا إيغال أفيدال الكاتب الصحافي الألماني الإسرائيلي في كتاب جديد له بعنوان: «إسرائيل دولة تبحث عن هويتها» الذي صدر في برلين، إلى إيقاف سيل الضحايا الإسرائيليين والفلسطينيين والتحلي بالشجاعة لإبرام اتفاقية سلام، مقترحا مفاوضات لا تستثني حركة حماس، معتبرا ذلك ضرورة من أجل إنقاذ حياة البشر وتحقيق السلام. وقال أفيدال إن «حماس لا يمكن قهرها عسكريا وهي تلقى التأييد من الفلسطينيين، ولا يمكننا نحن الإسرائيليين أن نقرر عن الفلسطينيين، وأضاف قوله: «كلما حاولنا محاربة حماس زادت شعبيتها، وأعتقد أنه يمكن الحوار معها لتحقيق تهدئة أولا في غزة وتحسين وضع الفلسطينيين وإنهاء عمليات إطلاق الصواريخ من قبل المسلحين الفلسطينيين». وقال الكاتب الصحفي إن أغلبية الإسرائيليين يريدون السلام، لكن عليهم أن يكافحوا كي لا تفرض عليهم أقلية تؤمن بالعنف، رأيها. وقال إن من مظاهر أزمة الدولة الإسرائيلية حاليا هو عدم وجود حدود واضحة لها. وحول تصوره للحل بين إسرائيل والفلسطينيين، يرى الكاتب الألماني الإسرائيلي أنه من الممكن التوصل إلى تقسيم القدس دون جدار، وعودة اللاجئين إلى إسرائيل يمكن أن يكون حلا وسطا وإعادة أجزاء واسعة من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية. مراقبة منازل المشتبهين تستعد الحكومة الألمانية لتقديم مشروع قانون جديد أمام البوندستاغ، يتضمن إجراءات غير مسبوقة لمكافحة الإرهاب، ومن أهمها الترخيص لمصالح مكتب التحقيقات الجنائية الفيدرالي «بي.كا.أ» للقيام بعمليات مراقبة عبر كاميرات فيديو لمنازل المشتبهين في قضايا الإرهاب. والمشروع هو ثمرة اتفاق توصل إليه وزير الداخلية المحافظ فولفغانغ شويبله وزميلته الاشتراكية وزيرة العدل بريجيت تسيبريس، وجاء أياما قليلة بعد اتفاق آخر على اختراق البيانات الشخصية في أجهزة الكمبيوتر الشخصي، ويتوقع أن يحظى المشروع بموافقة البوندستاغ نظرا لتوفر أغلبية مريحة للتحالف الحاكم. وأثار مشروع القانون قلقا لدى أوساط سياسية في المعارضة وجماعات تدافع عن حقوق الإنسان، كونه يمنح أجهزة الأمن سلطة التدخل في الحياة الخاصة والاعتداء على الحريات المدنية، كما أن مشروع القانون يمنح لأجهزة الأمن سلطة هي من صميم سلطة القضاء، إذ يفترض أن يقرر القاضي حدود ممارسة الشرطة الجنائية لمهامها، لا أن يصبح هذا الاختصاص من صميم عمل الشرطة الجنائية، كما تخشى الجماعات الحقوقية أن تصبح الإجراءات المتوقع صدورها، مسوغا لتدخل الشرطة في مراقبة اتصالات المحامين والصحافيين ونشطاء المجتمع المدني. وتخوض الحكومة والأجهزة الأمنية الألمانية تحديا متواصلا مع السلطات القضائية في ما يتعلق بإجراءات مكافحة الإرهاب، وخصوصا التي تمس بعض الحريات الشخصية، وهو ما يجعل المحكمة العليا الدستورية تصدر في عدد من الحالات أحكاما بعدم دستورية القوانين بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان. «الجمايكا» كابوس سياسي فاجأ حزب الخضر المراقبين في ألمانيا باتفاقه مع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة ميركل، لتشكيل حكومة ائتلافية في ولاية هامبورغ، وذلك في أول سابقة من نوعها في الحياة السياسية بألمانيا، ويبدو أن أول الذين فاجأهم الاتفاق هو الحزب الديمقراطي الاشتراكي الشريك في حكومة ميركل على المستوى الفيدرالي. واتهم كورت بيك، رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حزب الخضر، حليفه بالأمس، ب»خيانة مبادئه» عندما أبرم اتفاقا مع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي اليميني. وردت عليه كيناتا كيناست زعيمة حزب الخضر قائلة إن الديمقراطيين الاشتراكيين يبدو أنهم لا يتصورون إلا أنفسهم حلفاء للخضر، وأضافت أن ما سيفعله الخضر في حكومة ولاية هامبورغ مع حلفائهم الجدد أفضل مما يفعله الديمقراطيون الاشتراكيون في الحكومة الفيدرالية. ويبدو أن سابقة هامبورغ أحدثت زلزالا سياسيا لأنها خلطت الأوراق وفتحت كل السيناريوهات بالنسبة إلى التحالفات بين الأحزاب في الانتخابات المقبلة لتشكيل الحكومة الفيدرالية. ويحلو للألمان اختصار أسماء أحزابهم وتحالفاتها في شكل ألوان يركبونها، ويبدو أنه لم يعد من محظورات السياسة الحزبية الألمانية تسمية حزب اليسار بالبنفسجي دون شروط صارمة، رغم أن حزب أحفاد كارل ماركس لايزال متمنعا كالعذراء ومتمترسا في خندقه الإيديولوجي. ومن النوادر التي تتردد في ألمانيا عند الحديث مثلا عن تحالف بين أحزاب الاتحاد المسيحي -لونه أسود- وحزب الخضر وحزب الليبراليين الأحرار -لونه أصفر- إطلاق تسمية «جمايكا» على تشكيلة هذا الثلاثي الحزبي، لأن الألوان الثلاثة تميز علم دولة الجمايكا، ويمكن القول بأن كابوسا سياسيا يخيم على بعض الأوساط وخصوصا في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ويتلخص في عبارة «جمايكا» التي قد تعني تحالفا يمكن أن يتشكل في أفق الانتخابات الفيدرالية المقبلة عام 2009، وفي حالة تحقيقه فسيكون الديمقراطي الاشتراكي -لونه أحمر- أول الخاسرين. 7 ملايير يورو خسائر الاقتصاد الألماني بسبب نقص الكفاءات عادت قضية نقص الكفاءات من الخبرات التقنية مثل المهندسين والخبراء المتخصصين في الإلكترونيات، إلى الواجهة بمناسبة تنظيم معرض هانوفر الدولي للصناعات التكنولوجية الذي تشارك فيه أكثر من 5000 شركة تنتمي إلى أكثر من 60 دولة. وعلى هامش المعرض، صرح فيلي فوكس مدير جمعية المهندسين الألمان بأن النقص في الكفاءات يكلف الاقتصاد الألماني سبعة مليارات يورو سنوياً. وحسب استطلاع أجراه معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا «آي في»، فإن الشركات الألمانية بحاجة إلى مضاعفة جهود وكالة العمل الألمانية سبع مرات، وشمل الاستطلاع 2700 شركة من مختلف القطاعات. وقدر مدير المعهد هانس بيتر كلوس الحاجة الفعلية للشركات بما يقارب 100 ألف مهندس هذه السنة مقابل 70 ألفاً في عام 2007 ونحو نصف هؤلاء في عام 2006. وتخرج الجامعات الألمانية سنويا زهاء أربعين ألف مهندس، لكن بحلول سنة 2015 سيذهب ما يعادل هذا الرقم من المهندسين إلى التقاعد، وسيزيد ذلك عجزا جديدا يضاف لما يسببه ضعف النمو الديمغرافي. ولتغطية العجز في نقص الكفاءات، اعتمدت الحكومة الألمانية تعديلات على قانون الهجرة، وأقرت ما يسمى بنظام «البطاقة الخضراء»، وهو نظام لتسهيل الإقامة والعمل في ألمانيا للخبراء والمهندسين، على غرار أنظمة الحوافز التي تقدمها كندا والولايات المتحدةالأمريكية.