استأنف نواب الأمة عملهم النيابي بافتتاح الدورة الربيعية وسط انطباع بكون هذه الدورة لن تكون مختلفة عن سابقاتها. فبالنسبة إلى أستاذ العلوم السياسية عمر بندورو، فإن البرلمان المغربي ظل، منذ سنوات، جامدا في نفس الوضع ولم يطرأ عليه أي تطور، مبرزا، في تصريح ل«المساء»، أن مجمل أعماله تسيطر عليها الحكومة، وهي التي تؤطرها سواء على مستوى اشتغال اللجان أو حتى الجلسات العامة، مضيفا، في السياق ذاته، أن البرلمان المغربي ظل، لسنوات، لا يؤدي مهامه كبرلمان عصري، كما أنه لا يراقب عمل الحكومة بالطريقة التي يجب أن تكون عليها هذه المراقبة، ولا يناقش المشاريع، وهناك عدة كوابح تحد من حريته، نظرا لنفوذ تأثير الحكومة والسلطة على عمله، حيث لا ينظر إليه كهيئة محترمة. ويرى أستاذ العلوم السياسية أنه لا يمكن تصور تطور عمل البرلمان ما لم يتم إدخال إصلاحات جذرية عليه، عبر تقوية سلطة المراقبة وتأسيس لجان تناط بها هذه المهمة، وبالتالي إخراجه من بوتقة التأطير الذي يفرضه عليه الملك، والسماح للنواب بمناقشة المواثيق والمعاهدات الدولية. من جانبه، أوضح أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن ما يميز هذه الدورة الربيعية من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الثامنة، أنه يراد لها أن تكون دورة تشريعية بامتياز، وأن تسفر عن إنتاج تشريعي، وألا يقتصر الأمر على مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة، وإنما إدراج مقترحات القوانين التي تتقدم بها مختلف الفرق، لافتا الانتباه، في تصريح ل«المساء»، إلى أنه لا يعقل أن تظل مقترحات الفرق والنواب غائبة عن نقاشات المجلس. وكشف الزايدي، بالمقابل، أن النقاش الذي سيهيمن على أشغال المجلس خلال هذه الدورة، سيتركز بالأساس حول مجريات الحوار الاجتماعي والقضايا المرتبطة بالغلاء والقدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب توقعات الموسم الفلاحي، وخاصة بالنسبة إلى المناطق التي عرفت جفافا حادا. واعتبر الزايدي القوانين التي ستعرضها الحكومة للمناقشة والمصادقة عليها، خلال هذه الدورة، ضئيلة جدا ولا تتعدى 4 مشاريع متبقية من الدورة السابقة. ولعل الشعور بمحدودية الدور الذي تقوم به المؤسسة التشريعية هو الذي حدا برئيس المجلس، مصطفى المنصوري خلال كلمته الافتتاحية، إلى الكشف عن انشغالات المجلس خلال هذه الدورة، والتي حددها في تحسين صورة البرلمان، من خلال الرفع من جودة العمل البرلماني، عبر التشديد على أهمية الحضور والمشاركة الفعالة للنواب في مختلف أنشطة المجلس ومبادراته وأعماله وجلساته، إلى جانب العمل على خلق لجنة مشتركة لملاءمة النظامين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين، في إطار من التنسيق والتشاور المستمر بين الغرفتين، وإصلاح نظام الأسئلة الشفوية لتفادي ما وصفه بالركاكة والتكرار باعتماد موضوعات محورية والتفكير في سبل الرفع من مردوديتها. وفيما يتعلق بورش عصرنة الإدارة البرلمانية وتحديث طرق أعمالها التدبيرية، قال المنصوري: «حرصنا على متابعة المجهودات الرامية إلى تعميم التقنيات والوسائل الحديثة للاتصال الإلكتروني، بإنجاز برنامج معلوماتي لإعداد محاضر الجلسات العامة والشروع الفوري في نشرها بالموقع الإلكتروني لمجلس النواب -الذي خضع هو الآخر لإعادة التصميم والهيكلة- وإعمال نظام إلكتروني لتدبير الموارد البشرية والمالية وممتلكات المجلس». من جانبه، عبر رئيس مجلس المستشارين، مصطفى عكاشة، عن عزم المجلس بذل كافة الجهود خلال هذه الدورة، من أجل تسريع وتيرة العمل البرلماني والرقي به رقابة وتشريعا، مبرزا، في السياق ذاته، أن البرلمان بغرفتيه منكب حاليا على دراسة أفضل السبل لتنظيم مجال برمجة النصوص المطروحة وتنظيم تداولها، وعقلنة المناقشات ورفع مستواها، وحسن تدبير الزمن المخصص لها، سواء في أعمال اللجان أو الجلسات العامة، ومعالجة إشكالية ترتيب واختيار الأسئلة الشفوية وتفادي تكرارها.