عقدت الرابطة المحمدية للعلماء ندوة علمية دولية في موضوع «مناهج الاستمداد من الوحي» وذلك في مدينة تطوان يومي الأربعاء والخميس 26-27 صفر 1428 ه/05-06 مارس 2008م تضمنت محاضرة افتتاحية وأربع جلسات عامة وأربع ورشات. وأثارت المحاضرة الافتتاحية قضية المصطلح الذي تستعمله الأمة من حيث إقامته وتقويمه واستقامته. وخصصت الجلسة العامة الأولى ثم الورشة المرتبطة بها لمدارسة موقع المداخل اللغوية والمصطلحية والمفاهيمية من عملية الاستمداد من الوحي. وفي الجلسة العامة الثانية والورشة المرتبطة بها نوقشت قضايا علمية ومنهجية تتعلق بمناهج الاستنباط والاستدلال. وتكفلت الجلسة العامة الثالثة والورشة المرتبطة بها بالتدقيق في قضية التجزيء والنسقية في مناهج تفسير نصوص الوحي. أما الجلسة العامة الأخيرة والورشة المرتبطة بها فقد تدارستا معالم الرؤية المنهاجية المستمدة من الوحي. وخلصت الندوة إلى تأكيد أهمية المدخل المصطلحي للتفسير بتجاوزه للإسقاطات المذهبية بكل أنواعها وإعادة الاعتبار للنص بتكامل التفسير الموضوعي والتفسير الدلالي والدراسة المصطلحية، وضرورة إقامة مفهوم المصطلح الأصل والعمل به وبيانه وتقويم المصطلح الفرع، وإعادة الاعتبار للمقاصد اللغوية في فهم الوحي وعدم إهدارها لفائدة القواعد الإجرائية، اعتبار نحو العلامة جزءا من منهج بياني أصيل لتدبر الوحي، وأهمية الرجوع إلى البناء النسقي للقرآن الكريم لتحديد دلالات الكلمات أي المفاهيم التي يبنى بها الإنسان. وفي ما يتعلق بمناهج الاستنباط والاستدلال خلصت الندوة إلى أهمية مراعاة شروط الاستنباط باعتباره اجتهادا له قواعد وضوابط، ومركزية قواعد الاستنباط الأصولية في الاستمداد من النص، رغم ما يرد عليها أحيانا من نسبية، وإمكانية الاستفادة مما لم يحز منها الإجماع بحسب فائدته في عملية الاستمداد، وأهمية الاستيعاب الكامل للعلوم الإسلامية ووظيفتها لتصحيح الوجهة في مجال الاستمداد من الوحي وتضييق شقة الخلاف، واستثمار جهود السابقين في الاستمداد من الوحي بما يستلزمه ذلك من جمع المشتت واستثمار المجموع وفي محور مناهج التفسير بين التجزيء والنسقية خلصت الندوة إلى تأكيد منهج التكامل في الاستمداد من الوحي هو المنهج الأسد سواء كان تكاملا داخليا أو تكاملا بين شقي الوحي: القرآن والسنة، وضرورة المحافظة على المنهج العام للشرع في فهم النصوص وعدم الانسياق وراء آراء يحذو إليها سياق غير علمي كضغوط الواقع والمزاج العام، وأهمية الفصل بين التجزيء باعتباره رؤيا وبين التجزيء باعتباره إجراء علميا، وإعطاء الأولوية للمحددات القرآنية في منهج التعامل مع القرآن الكريم، كما أكدت الندوة على ضرورة التكامل بين المعارف القرآنية والمعارف الكونية، واستصحاب القيم الإسلامية العليا كالهداية والرحمة والوسطية في التعامل مع الوحي، وتقويم إسهامات المذاهب والفرق الإسلامية في إطار التكاملية والاستفادة من الصواب، حيث كان في إطار من الرؤية المنهاجية في صورة منظومة تجمع بين القيم الإسلامية والسنن الكونية. وخرجت الندوة بتوصيات من بينها دعم مشروع المعجم المفهومي للقرآن الكريم وتشجيع الطلبة والأساتذة في الجامعات على احتضان البحوث الممحضة للإشكالات العلمية والمنهجية في الاستمداد من الوحي، وإيجاد سبل للتواصل العلمي بين الباحثين في المشرق والمغرب الذين يجمعهم هم التأصيل - والتجديد في مناهج الاستمداد من الوحي، وإيجاد منابر علمية لنشر البحوث والتعريف بالكتابات المتخصصة في قضايا الاستمداد من الوحي.