أعاد إحداث 3 مقاطعات جديدة بالدارالبيضاء إلى الواجهة جدلا حول خلفية هذا الإجراء الإداري الذي يأتي سنة قبل الانتخابات الجماعية المرتقبة في 2009، وهكذا أصبح عدد مقاطعات العاصمة الاقتصادية 19 مقاطعة. ويرى بعض المستشارين من عدة هيئات سياسية أن وزارة الداخلية أحدثت هذه المقاطعات الثلاث (سيدي معروف، ليساسفة، أهل لغلام) ليس بناء على مؤشرات اقتصادية واجتماعية، وإنما بناء على مقاربة أمنية صرفة بهدف التحكم في العملية الانتخابية المقبلة. وهو الأمر الذي يؤكده نور الدين قربال، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بالدارالبيضاء، عندما يقول في تصريح ل"المساء": "نعم، إن المقاربة الأمنية كانت حاضرة في هذا التقطيع الانتخابي الذي طال أكبر مدينة في المغرب، خاصة وأن حزبنا لم يستدع إلى الاجتماعات التي عقدها والي المدينة من أجل الاستماع إلى مقترحاتنا وآرائنا في هذه القضية"، مشيرا إلى أن "هذا التقطيع تعاملت فيه الولاية بانتقائية مع الفاعلين السياسيين والمتدخلين رغم أن مذكرة وزارة الداخلية، التي تم الاستناد إليها في إحداث 3 مقاطعات جديدة، تنص على ضرورة إشراك كل الفرقاء في المشاورات المتعلقة بأي إجراء يهم التقطيع الانتخابي". وحسب قربال، فإن التقطيع الانتخابي ينبغي أن يستند إلى معايير موضوعية تصب في خدمة الحكامة الجيدة لتدبير الشأن المحلي وشفافية مالية المقاطعات والحسم في التدبير المفوض واحترام دفتر التحملات. ولم يستبعد قربال أن يكون التقطيع الانتخابي الحالي موجها ضد حزبه، وقال في هذا السياق: "في الانتخابات الجماعية لسنة 2003، لم نترشح إلا في 50 المائة من الدوائر الانتخابية، ومع ذلك تمكنا من الحصول على المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات بأكثر من 70 ألف صوت، فيما حصل الحزب الثاني، وهو حزب الاستقلال، على أكثر من 40 ألف صوت. ويبدو أن السلطة متخوفة من أن يتكرر نفس السيناريو في الانتخابات الجماعية المقبلة". ومن جهته، أكد رشيد العراقي، عضو مجلس مدينة الدارالبيضاء عن حزب الاتحاد الاشتراكي، أن إحداث 3 مقاطعات جديدة بالمدينة لم يكن الداعي إليه هو المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية فقط، وإنما لا يستبعد أن يكون الداعي إليه أيضا هو المقاربة الأمنية بهدف التحكم في العملية الانتخابية ضد الفاعلين السياسيين. وقال العراقي في تصريح ل"المساء": "يصعب علينا أن نعطي وجهة نظرنا في هذا التقطيع الانتخابي لأننا لم نستدع إلى أي لقاء رسمي لتقديم مقترحاتنا ولم نطلع على الملف المتعلق بهذا التقطيع". وفي الوقت الذي يتساءل فيه العراقي عن الجدوى من هذا التقطيع الانتخابي في غياب إشراك المعنيين به من الفاعلين السياسيين، قال أحمد القادري، رئيس مقاطعة المعاريف عن حزب الاستقلال، في اتصال مع "المساء"، إنهم في الحزب قدموا مقترحاتهم في هذا التقطيع وتمت الاستجابة للبعض منها وحضروا لقاءات المشورة مع الولاية. ومن بين هذه المقترحات التي تمت الاستجابة لها أنه تم التراجع عن إلحاق منطقة الهراويين بمقاطعة سباتة، إذ اقترح الحزب أن يتم إلحاق جزء من هذه المنطقة بمقاطعة مولاي رشيد لضمان التوازن المجالي بين المقاطعات.