بلال الحسن صحافي ومناضل فلسطيني، عائلته وسيرة حياته فصل هام في كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية. أخوه خالد من كبار قادة الثورة ومنظري فتح، وأخوه الثاني هاني الحسن كان من أكثر الناس قربا من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وظل إلى جانبه إلى أن مات أو قتل.. وبلال قلم صحافي أسس السفير، وأطلق اليوم السابع، ومازال يكتب ليذكر بفلسطين ويتذكر رموزها.. علاقة عائلة الحسن بالمغرب علاقة خاصة.. وهنا يروي بلال أحد جوانبها غير المعروفة.. لنتابع... - عندما حصلت على الجنسية المغربية، هل وجدت صعوبة في تأسيس مجلة «اليوم السابع»؟ < لا، أبدا، لم تكن هناك أي مشكلة في تأسيس المجلة، بل سافرت إلى باريس بالجواز المغربي والتقيت بالسفير المغربي.. وأسسنا المجلة التي كانت تصدر من باريس. - ولماذا تم إقفال المجلة فيما بعد؟ < إقفال المجلة له علاقة بالأزمة المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ففي أواخر سنة 1990، كان هناك حديث في تونس عن الأزمة المالية للمنظمة. وهكذا اتخذ قرار بتخفيض ميزانية المجلة إلى 50 في المائة. - وكم هو المبلغ المالي الذي كانت تخصصه المنظمة للمجلة؟ < من فضلك، لا أريد أن أدخل في لعبة الأرقام، المهم أني عندما أخبرت بهذا القرار عن طريق مسؤول في المنظمة يدعى أبو علاء من تونس، قلت له إنني غير راض وإن هذا القرار ما كان ينبغي اتخاذه،. وكان جوابه بأن قال لي: «أنا أقدم لك نصف المساعدة للمجلة وأنت تقول لا يمكن، فما هذه الوقاحة..». وفعلا ضحكت لجوابه، قبل أن يضيف بأن هناك فعلا أزمة مالية. وهكذا قررنا توقيف المجلة. وأذكر أنه عندما أغلقت المجلة عرضت علي أموال كثيرة من دول الخليج وليبيا لاستمرار المجلة، لكني رفضت. - وهل عرضت عليك أموال من طرف صدام حسين؟ لا، لم نأخذ من العراق قرشا واحدا، رغم أننا كنا نساند قضايا العراق لمدة 8 سنوات، وكانت هناك اتهامات لنا في هذا السياق، خاصة من طرف جهات كويتية، بأننا ندعم العراق مقابل دعمه المادي لنا. وهذه في الواقع اتهامات لها بعد سياسي في المقام الأول، لأن الحقيقة هي العراق لم يمولنا بقرش واحد. - هل التقيت يوما ما صدام حسين؟ < لا، أبدا ولو مرة واحدة. - أنت صحافي فلسطيني ومطلع على الكثير من خبايا الشأن الفلسطيني، هل مات ياسر عرفات مسموما؟ < نعم أنا أرجح أن عرفات مات مسموما، وأقف عند فرضية الترجيح لأن طرح هذه القضية على أنها ثابتة يحتاج إلى أدلة مادية. لكن أؤكد لك أنه خلال فترة مرض عرفات كان كل طبيب فحصه أو شارك في تشخيص مرضه، إلا ويؤكد حقيقة واحدة وهي «أن أعراض المرض الذي يعاني منه عرفات هي نفس أعراض التسمم». وأنا شخصيا سألت طبيبا شارك في فحص عرفات وشارك في اتخاذ قرار إرساله إلى باريس من أجل العلاج هناك. وكان سؤالي لهذا الطبيب المتخصص في علاج كل أنواع التسمم «ماذا يعني التسمم؟»، فكان جوابه بأن قال لي إنه كطبيب عندما تعرض عليه أية من حالات التسمم، فإنه يقوم بتشخيصها ليرى ما إذا كانت هذه الحالة مطابقة لأعراض التسمم المعروفة لديهم كأطباء. وفعلا، كما يقول، فإن التشخيص الذي أجري لعرفات يثبت شيئا واحدا وهو «أننا أمام تسمم». ولتأكيد حالة التسمم، فلا بد من إجراء تحليلات، لكن المشكلة هي غياب مختبرات لتأكيد نتيجة هذه التحليلات بشكل دقيق. وأذكر أني سألت طبيب عرفات عن الطريقة التي يحتمل أن تكون استعملت في تسميم هذا الأخير، وفي هذا السياق ذكر لي الطبيب أن تسمم عرفات يمكن أن يكون وقع بثلاث طرق: إما التسميم المباشر، كأن توضع له كمية من السم في كأس ليشربه. وهناك طريقة ثانية وهي أن التسمم يتم بتناول كميات كبيرة من السم، وهذا النوع من التسمم لم يحدث مع عرفات، والطريقة الثالثة في حالة عرفات وهي أنه كان معروفا بأنه مريض وأنه يتعاطى نوعا من الأدوية، ثم يأتي من يعطيه دواء آخر مكان أدويته الأصلية بشكل متعمد. ففي هذه الحالة يمكن أن يقع تسمم كما يقول الطبيب. لكن إثبات هذا النوع من التسمم يتطلب عدة إمكانيات وأجهزة لتشخيصه. - وبالنسبة إلى طبيب عرفات، هل هو مقتنع، خلال مشاركته في فحص عرفات، بأنه مات مسموما؟ < الطبيب قال لي بالحرف إنه يرجح أن عرفات مات مسموما، وطريقة تسميمه تمت عبر التلاعب في الأدوية التي كان يتناولها، خاصة أنه كان يصعب مراقبة هذه الأدوية حتى من طرف الأطباء. لأنه يتعذر أن تجري تشخيصا لدواء قبل إعطائه إلى عرفات، وتسمم عرفات، كما يقول لي هذا الطبيب، لم يكن محط خلاف بين جميع الأطباء الذين ترددوا عليه، وعندما تم نقل عرفات إلى باريس، فإن الأطباء يؤكدون أن جسمه كاملا كان يعتريه عرق. - هناك انطباع بأن المسؤولين في السلطة الفلسطينية سكتوا عن الوفاة الغامضة لياسر عرفات، ولم يتعاملوا بجدية مع القضية، لماذا في نظرك؟ < رأيي أن موقف المسؤولين في السلطة الفلسطينية من قضية وفاة عرفات هو فضيحة فلسطينية وتقصير فلسطيني فاضح. وهذه الفضيحة يجب التداول فيها علميا مع السلطة في رام الله ومع عمان وباريس. حيث فحص عرفات وعولج، ونحن فعلا سواء في السلطة الفلسطينية أو في منظمة التحرير الفلسطينية مقصرون في هذه القضية وينبغي التحقيق في وفاة عرفات لتحديد مسؤولية أي طرف له علاقة بالموضوع. - في نظرك لمصلحة من هذا السكوت عن الوفاة الغامضة لياسر عرفات؟ < سكوت الدولة الفرنسية عن هذه القضية مفهوم لأن فرنسا دولة عظمى وإذا قالت كلمتها في وفاة عرفات، فإن كلمتها سيكون لها ما بعدها وستكون لها تداعيات. ولهذا فالفرنسيون يفضلون الصمت بدل الكلام، أما الأطراف الأخرى سواء في السلطة الفلسطينية أو في عمان فهي تعتبر أن عرفات مرحلة انتهت وصفحة ينبغي أن تطوى. وأنا أدعو إلى تدارك هذا التقصير الذي حصل في قضية موت عرفات.