موجة المسلسلات الأمريكية التي اجتاحت العالم بأسره بما فيه الدول العربية قد يرى فيها البعض غزوا ثقافيا أمريكيا للعالم، وقد يرى البعض الآخر أنها دليل على ضعف إنتاجنا الدرامي تجذب المسلسلات الأمريكية مثل «لوست» و«بريزن بريك» و«هيروز» وغيرها فئة من الشباب والمراهقين المغاربة الذين تستهويهم القصص المحبوكة والإيقاع السريع والأحداث المتلاحقة والمثيرة، وينفرون من الدراما العربية «المملة» ذات القصص المتشابهة والمألوفة.ورغم كون بعض المسلسلات الأمريكية لا تمكن مشاهدتها عبر التلفزيون، إلا أن هؤلاء المراهقين يقومون بشرائها على شكل أقراص DVD يتبادلونها في ما بينهم، كما يتابعون أخبار هذه المسلسلات عن طريق المواقع الإلكترونية ومواقع الحوار. الهروب من السجن تقول منى،17 سنة، وهي طالبة علوم اقتصادية بجامعة محمد الخامس بالرباط : «بدأت في مشاهدة «بريزن بريك» بعدما حقق ضجة هائلة، وأعجبني الموسم الأول كثيرا، وسأقوم بمشاهدة الموسم الثاني قريبا. وقد قمت بمشاهدة الموسم الأول الذي يبلغ عدد حلقاته 22 في ثلاثة أيام. إنه حقيقة أفضل مسلسل شاهدته في حياتي».وحول كيفية حصولها على هذه المسلسلات، توضح منى: «قام أبي بشراء قرص دي في دي الموسم الأول من «بريزن بريك» بعد أن أكد له البائع أن المسلسل سيعجبه للغاية. شاهده والدي فنال إعجابه. دفعني الفضول إلى مشاهدة الحلقة الأولى من المسلسل، فإذا بي أشاهد الحلقة تلو الأخرى ووجدت نفسي، بسبب تلاحق أحداث المسلسل المثيرة، لا أستطيع إيقاف مشاهدة المسلسل إلا بصعوبة كبيرة».يحكي مسلسل «بريزن بريك»، الذي يعني الهروب من السجن والذي أنتجته شبكة «فوكس» التلفزيونية الأمريكية، عن قصة الأخوين مايكل سكوفيلد ولينكولن بوروز، حيث يتهم لينكولن ظلما باغتيال أخ نائبة رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ويحكم عليه بالإعدام. ولكن شقيقه المهندس المعماري مايكل، وبعد أن ييأس من عدالة القانون، يقرر أن يتخطى القانون ويساعد أخاه على الهروب من السجن وذلك عن طريق أن يرتكب هو بنفسه جريمة تدخله إلى السجن لكي يبدأ بعد ذلك تنفيذ خطة الهروب بأخيه من السجن، ودليله إلى طريق الهروب هو المخططات الهندسية للسجن التي حصل عليها قبل أن يرتكب جريمته وقام بوشمها على الجزء العلوي من جسمه. لكن الأمور داخل السجن لا تسير كما كان مخططا له، حيث يتعرض مايكل للعديد من العراقيل ويتورط مع مجرمين كالقاتل بالتسلسل تيودور باغويل، الملقب ب«تي باغ»، والمحكوم بالسجن مدى الحياة بدون احتمالية إطلاق السراح بسبب اختطاف واغتصاب أطفال وجرائم من الدرجة الأولى، والجندي السابق في الجيش الأمريكي، سي نوت المعروف ب «صيدلي السجن»، المحكوم بالسجن لثماني سنوات بسبب متاجرته في بضائع مسروقة في السوق السوداء خلال تواجد بعثته العسكرية في منطقة الخليج.ينتقل مسرح الأحداث الذي كان خلال معظم الموسم الأول في سجن فوكس ريفر إلى خارج السجن بعد عملية الهروب، حيث يركز الموسم على ملاحقة الهاربين من طرف الإف بي أي. المزيد من الشخصيات تظهر في المسلسل من بينها العميل الماكر ألكساندر ماهون والذي عين لمهمة تتبع وإلقاء القبض على الهاربين الثمانية. الفكرة الأساسية لهذا المسلسل هي أن السياسة ليست سوى لعبة قذرة كبيرة، وأن اللاعبين الأساسيين فيها ليسوا إلا قطع شطرنج تحركهم قوى أكبر منهم. قصص الإثارة أكمل أنس، 15 سنة، مشاهدة الموسمين الأول والثاني من المسلسل كما شاهد المواسم الثلاثة لمسلسل «لوست»، والذي أعجب به للغاية نظرا لقصته المتميزة. يقول أنس بنبرة حماسية واضحة: «كل أصدقائي في الثانوية شاهدوا هذين المسلسلين، فقد تم تناقل الأقراص المدمجة للمسلسلين من شخص لآخر، وهناك العديد من أصدقائي الذين اشتروا الأقراص المدمجة للمسلسلين». الآن وبما أن الموسم الثالث من بريزن بريك ما زال يعرض في قناة «فوكس» الأمريكية، والموسم الرابع من «لوست» في طور التصوير، بدأ أنس في مشاهدة مسلسل أمريكي آخر اسمه «هيروز» (الأبطال).أما مسلسل «لوست» الذي يعد إلى جانب «بريزن بريك» أكثر المسلسلات الأمريكية مشاهدة في العالم، فيحكي مغامرات أناس نجوا من تحطم طائرة على جزيرة استوائية غامضة في مكان ما في جنوب المحيط الهادي. ومن أبرز الناجين جاك شيبارد، وهو أمريكي الجنسية، طبيب أورام متخصص، يذهب إلى استراليا في رحله للبحث عن والده ويعتبر بطل المسلسل الرئيسي. جاك يحب مساعدة الآخرين، وهو أشبه بقائد مجموعة الناجين.من الشخصيات الرئيسية في المسلسل كذلك، جون لوك، والذي يملك مهارات عالية في اقتفاء الأثر والصيد في الجزيرة. كان جون مشلولا قبل تحطم الطائرة لكنه وجد نفسه وقد شفي من شلله النصفي عندما فتح عينيه بعد حادثة التحطم في الجزيرة. هناك جيمس فورد، المعروف ب«سوير»، محتال يمارس النصب في العالم الحقيقي، يسيء معاملة الجميع في الجزيرة. كاثرين آستون، مطلوبة لدى القانون في العالم الحقيقي، لكنها طيبة القلب ويحبها جميع الناجين. ومن الشخصيات التي أثارت جدلا في المسلسل، شخصية سعيد جراح، جندي الحرس الجمهوري العراقي سابقا. سعيد شاب مفتول العضلات ويجيد استخدام السلاح والتعامل مع الإلكترونيات.في الوقت الذي يحاول فيه جزء من الناجين إيجاد طريقة للخروج من هذه الجزيرة الاستوائية، يحاول الجزء الآخر البحث عن الطعام والماء. لكن ما لا يعلمه الجميع هو أن هذه الجزيرة ليست عادية وأنهم ليسوا وحدهم عليها كما يظنون. كل الأعمار جمهور هذه المسلسلات لا يتكون من المراهقين فحسب، فالآباء أيضا وقعوا تحت سحر هذه الدراما المشوقة القادمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. يقول عبد الله، طبيب وأب لولدين: «ما لفت انتباهي ونال إعجابي هو كيف يخاطب هذا المسلسل عقل المشاهد، حيث يعتبره ذكيا وليس غبيا كما تفعل معظم المسلسلات العربية. من المسلسلات التي نالت إعجابي أيضا هي «إرجانس» (المستعجلات) وذلك بحكم مهنتي كطبيب، لكنه نال إعجاب العديد من الأشخاص الذين لا ينتمون إلى هذه المهنة». بالنظر إلى النجاح الكبير الذي تلاقيه المسلسلات الأمريكية، هناك محاولات عربية للاستفادة من هذا النجاح عن طريق اقتباس أفكار المسلسلات كما حدث مع مسلسل «لحظات حرجة» الذي تحاكي قصته مسلسل «إرجانس» لكن البيئة العربية تبدو جلية في المسلسل. نجد أيضا المسلسل المغربي «لابريكاد» الذي تحاكي فكرته المسلسلات البوليسية. موجة المسلسلات الأمريكية التي اجتاحت العالم بأسره بما فيه الدول العربية قد يرى فيها البعض غزوا ثقافيا أمريكيا للعالم، وقد يرى البعض الآخر أنها دليل على ضعف إنتاجنا الدرامي. لكن الأكيد أن الأمر لا يتعدى أن يكون نتاجا للعولمة التي جعلت من العالم اليوم قرية صغيرة.