سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإسماعيلي العلوي: السنوسي كان يمدني بمعلومات حساسة عن الموقف الليبي من قضية الصحراء قال إنه أقنع عناصر من البوليساريو بألمانيا بالعدول عن معاداة المغرب
هناك العديد من الشخصيات التي ساهمت في صنع التاريخ المغربي، سلبا أو إيجابا، توارت إلى الخلف ولم تستعذب يوما لعبة الأضواء، ولأن التاريخ لا تصنعه الشخصيات «الشهيرة» فقط، فإن الكثير من المعلومات ضاعت في أتون الصراع السياسي والحسابات الشخصية. عبد الكبير العلوي الإسماعيلي، صاحب دار نشر منشورات «الزمن» الشهيرة، واحد من هاته الشخصيات، التي كان لها دور حاسم في قضية الصحراء في الكثير من المحطات، وإذا كان يرفض صفة «عميل المخابرات المغربية»، فإنه يؤكد أنه تعاون معها في الكثير من اللحظات الحساسة. على كرسي الاعتراف، يحكي العلوي الإسماعيلي أسرارا غاية في الحساسية عن قضية الصحراء ودور إدريس البصري وعلاقاته المتشعبة مع النظام الليبي، كما يتوقف عند لقاءاته بالملك الراحل الحسن الثاني، ويشرح كيف أخبره في إحدى الجلسات الخاصة أنه يتوفر على معلومات تؤكد قرب القيام بمحاولة انقلابية جديدة بالمغرب. – في الحلقة الماضية تحدثت عن الدور الليبي في قضية الصحراء، ما طبيعة هذا الدور؟ لن أنسى أبدا ما فعله معي الليبيون للدفاع عن قضية الصحراء حينما كنت بألمانيا، إذ كلما كانت الحاجة إلى الأموال أو الحافلات لنقل المغاربة للمشاركة في تظاهرات ضد جبهة البوليساريو، كان الليبيون يتطوعون بمدنا بكل ما يلزم، وأتذكر أن البوليساريو أرادت أن تنظم مؤتمرا دوليا لدعمها ككيان جديد، فمولت السفارة الليبية حافلتين نقلتا الناس من دوزلدورف إلى العاصمة بون. – أعتقد أن الدعم الليبي للمغرب حدث قبل أن ينقلب الزعيم الليبي معمر القذافي على المغرب ويقرر دعم جبهة البوليساريو بالسلاح… سأشرح لك فيما بعد خلفيات ما يسميه الكثيرون بالانقلاب الليبي حول قضية الصحراء المغربية، وأود أن أسجل في هذا الصدد أن المرحوم محمد الفاسي قدم لي سنة 1980 السفير الليبي في المغرب، السيد عبد الله السنوسي، بمدينة مكناس، الذي كان أستاذا لمعمر القذافي في المدرسة العسكرية، وقد ربطت به علاقة طيبة جدا، توطدت كثيرا إلى حد أنه كان يمدني بمعطيات حساسة عن الموقف الليبي من قضية الصحراء، وكان يخبرني بأشياء غاية في الأهمية عن دعم ليبيا للجبهة والأسباب الكامنة وراء ذلك. – سأعود إلى هذا الملف في حلقات قادمة، لكن أريد أن أسألك عن تعامل عبد الحكيم العراقي، السفير المغربي في ألمانيا، مع قضية الصحراء؟ كان تعاملا عاديا جدا، والدبلوماسية المغربية كان دورها مقتصرا على تلقي التعليمات، أما العناصر التي كانت تنشط بشكل قوي وتمتلك تصورا لكل ما يجري، فهم ممثلو المخابرات المغربية. – هل كنت تلتقيهم؟ نعم كنت ألتقيهم وكانوا يأخذون رأيي حول بعض الملفات بألمانيا، ولأن الملف كان يهم بلدي قبل كل شيء، كنت أساعدهم كثيرا في قراءة بعض الأحداث التي تجري وذات علاقة مباشرة بقضية الصحراء. مهمة ممثلي المخابرات الأساسية هي جمع أكبر قدر من المعلومات حول تحركات جبهة البوليساريو وعلاقاتها بألمانيا، والغريب في كل القصة، أن أفراد منتمين إلى جبهة البوليساريو كانوا يزورونني في بيتي وألتقيهم في المقاهي ودعوتهم مرات عديدة للعشاء دون أدنى تحفظ. – ماذا كنت تريد من وراء هاته اللقاءات؟ كنت أسعى إلى إقناعهم بالعودة إلى حضنهم الأم المغرب بالدلائل الموضوعية وبالنقاش الموضوعي وليس فقط بالعواطف. كنت أحاول أن أبين لهم أن موقفهم من المغرب لا ينبني على مبررات مقنعة، ولذلك يجب النضال من داخل المغرب وهو سيتيح لهم ذلك. – هل استطعت إقناع أحد بصواب أطروحة المغرب؟ نعم، استطعت أن أقنع البعض أتحفظ هنا عن ذكر أسمائهم. – كيف كان تعامل أجهزة المخابرات مع قضية الصحراء؟ حسب ما عايشته في ألمانيا، كانوا يقومون بمجهودات لن يتصورها أحد لتقصي المعلومة الصحيحة من مظانها، وكانوا يقومون بعمل لا مناص منه، أما هدفهم الرئيس فهو رصد حركات عناصر البوليساريو وأعضاء السفارتين الجزائرية والليبية بألمانيا، وكانوا يبحثون عن أي فرصة لطرح ملف الصحراء المغربية في الندوات والحلقات الدراسية. أعتقد أن أعضاء المخابرات المغربية يشتغلون بطريقة جيدة. – هل تدافع عن نفسك أم عن أعضاء المخابرات؟ -يبتسم- تطرح سؤالا سابقا بصيغة أخرى.»ماشي مشكل»، قلت لك سلفا إني لم أكن يوما عضوا رسميا بالمخابرات المغربية، ولم أتلق درهما واحدا من أي جهة كانت، وما كان يهمني هو أن أخدم بلدي بالطريقة التي أراها مناسبة وبما يمليه علي ضميري. الآن أدافع عن حصيلة عمل وليس عن أفراد أو عن نفسي، لأني كنت أرى حجم الجهد الذي كانوا يبذلونه في بلد تنشط فيه عناصر البوليساريو بشكل كثيف جدا. صحيح أنني كنت أكلف ببعض الملفات، وأشتغل عليها بحس وطني ومن منطق أنني أنتمي إلى هذا البلد، وليس لأي شيء آخر، وقد أنجزت ما طلب مني على أحسن وجه، أما أن أنضوي في المخابرات، فهذا أمر كان مستبعدا جدا، لأني كنت أستطيع خدمة المغرب أفضل وأنا صحافي ألتقي بجميع أطياف السياسيين الألمان.