بكل عزيمة وإصرار واستعداد، يجتاز طفل مصاب بداء السرطان الامتحان «الموحد» للسنة الثالثة إعدادي، بغرفة خاصة داخل مركز أمراض الدم والسرطان، التابعة للمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش. انخرط جل أفراد قسم أمراض الدم والسرطان، من أطباء وممرضين وإداريين، في عملية تحفيز التلميذ «زكرياء. التلمودي» المصاب بسرطان الغدد اللمفاوية، والذي يرقد، منذ حوالي شهر تقريبا، في غرفة خاصة داخل مركز «الأنكولوجيا»، قبل أن يدخل عدد من الأساتذة بدورهم في العملية، من أجل الرفع من معنويات التلميذ ذي ال14 سنة، الذي سيجتاز امتحانات مواد اللغة العربية، والفيزياء، والرياضيات، والاجتماعيات بمعنويات عالية. كانت الساعة تشير إلى ال7 و30، حلت «المساء» بغرفة «زكرياء التلمودي»، فوجدته راقدا على سريره، يركز نظره على والدته «زينب»، لتتحول عيناه صوب صحافي «المساء».. انخرط زكرياء في الإجابة عن أسئلة «المساء» بشكل عفوي، معبرا أنه على أتم الاستعداد لاجتياز الامتحانات، خصوصا وأنه تلميذ مجد، ونجيب، وذو أخلاق عالية»، بحسب شهادة أفادت بها الأستاذة السمرائي زينب، أستاذة مادة اللغة العربية، التي جلبت أوراق أسئلة الامتحان ل»زكرياء» مرفوقة بخالد فيلاح، أستاذ مادة الفيزياء. بعد مرور حوالي نصف ساعة على انتظار طاقم «المساء» كي يحل «زكرياء»، الذي يتابع دراسته بمؤسسة تعليمية خاصة، بمنطقة «بوعكاز»، قرب حي المحاميد، دخل التلميذ إلى الغرفة المخصصة لاجتياز الامتحانات، بعد أن شرب كأس عصير. وفرت له طاولة ومقعد وأوراق البيضاء وبعض الأقلام من قبل بعض الممرضين، لكن ما إن شرعت «المساء» في التواصل مع التلميذ ووالدته حتى دخل الدكتور الحسين مهمال، المسؤول عن قسم أمراض الدم والسرطان، والابتسامة تعلو وجهه. «كيف حال البطل، هل أنت مستعد للنجاح والعمل دكتورا معنا»، بهذه العبارة خاطب الدكتور مهمال المريض «زكرياء»، الذي كان يضع غشاء على فمه، لكن الأخير اكتفى بالابتسام وطأطأة رأسه، خجلا من عبارات التشجيع، التي وجهها له طبيبه الخاص. وأضاف مهمال أن «المرضى يكونون رجالا قبل الأوان»، قبل أن ينتبه إلى أن «زكرياء» سيحتاج لآلة حاسبة ومثلث و»بركار»، ونصف دائرة، فما كان منه إلى أن ربط اتصالا هاتفيا بشخص، وطلب منه إحضار الأدوات على وجه السرعة. وخلال الحديث مع الدكتور مهمال، الذي أكد أن المريض يتعافى بسرعة كبيرة، نظرا لاكتشافه المبكر للمرض، حضر أساتذة سيشرفون على عملية اجتياز «زكرياء» للامتحان. كانت الأستاذة السمرائي زينب تحمل ظرفا كبيرا يحوي ورقة أسئلة الامتحان، بينما كان يحمل الأستاذ خالد فيلاح ورقة أسئلة امتحان الفيزياء. قبل أن تسلم الأستاذة السمرائي ورقة الامتحان ل»زكرياء» حلت ممثلة جمعية الأسرة التعليمية، لطيفة أوخاية، التي كانت حريصة على أن يجتاز المريض الامتحان في ظروف مناسبة، مثلها مثل جميع الأطباء، والممرضين، والإداريين، والأساتذة، في الوقت الذي جلست «إكرام»، شقيقة «زكرياء» بجانبه، من أجل أن تكتب ما سيمليه عليها، نظرا لعدم قدرته على الكتابة، لكنه متيقن أنه سيوفق في الامتحان، وسيحصل على نقطة 18 على 20، كما طالبه بذلك الدكتور مهمال.