دفنت مدينة فاس، أول أمس الاثنين، الأطفال الثلاثة الذين أجهزت عليهم أمهم، يوم الأحد الماضي، الواحد تلو الآخر خنقا باستعمال وسادة، فيما قررت أسرة القاتلة رفع دعوى قضائية ضد مستشفى الأمراض العقلية والنفسية المعروف محليا ب«ابن الحسن»، موجهة إليه تهما ثقيلة تتعلق ب«إهمال» حالتها، ما أدى إلى مضاعفات نفسية أسفرت عن الجريمة المرعبة التي هزت حي البلاغمة بمنطقة «فاس الجديد». وأكدت مصادر مقربة من الأم أن مستشفى الأمراض العقلية ارتكب أخطاء فادحة في قضية هذه السيدة عندما قرر إخلاء سبيلها، بالرغم من أن الأطباء المعالجين يعرفون وضعها، وما يشكله مرضها من خطورة عليها، وعلى محيطها العائلي الصغير والكبير. وقالت المصادر إن الأسرة تطالب بفتح تحقيق في ملابسات هذه القضية، والتحقيق في الملف الطبي للمعنية، بغرض عدم تكرار مثل هذه المأساة الإنسانية. وأضافت المصادر أن عددا من المرضى الذين يقصدون المستشفى لتلقي العلاجات من أمراض نفسية عادة ما يتم عرضهم لفحوصات بسيطة، وتقدم لهم أدوية، قبل أن تحدد لهم مواعيد لاحقة ومتباعدة، مع العلم أن أمراضهم يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على المحيط الأسري، بصفة خاصة، وعلى المجتمع بصفة عامة. وكشفت المعطيات التي توصلت إليها «المساء» أن الأم البالغة من العمر حوالي 40 سنة، كانت تعاني منذ ما يقرب من 5 سنوات من اهتزاز نفسي، وبدأت فعليا في تلقي العلاج بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية منذ حوالي سنتين. وأوردت المعطيات أن الأطباء الذين انكبوا على حالتها يجمعون على أنها كانت تعاني من مرض الذهان المزمن، وهو مرض يعتبره أطباء علم النفس «خطيرا»، ويحتاج المصاب به مواكبة نفسية ومراقبة مستمرة. لكن إدارة المستشفى، وبعدما استقبلت حالة «قاتلة أبنائها» لبضعة أيام، طلبت منها مغادرة المستشفى، دون أن تتحسن حالتها الصحية. وأوضحت التحريات الأولية التي أنجزت حول هذه القضية التي هزت الرأي العام بأن الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تعيشها الأم رفقة أطفالها الخمسة زادت من حدة الاهتزاز النفسي الذي كانت تعاني منه، وصل ذروته بأزمة حادة أسفرت عن ارتكاب مجزرة قتل ثلاثة أطفال أصغرهم رضيعة لا يتجاوز عمرها 8 أشهر، وطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، والثالث لا يتجاوز سنه 5 سنوات، في وقت نجا الزوج وابنان آخران من الموت بأعجوبة في هذه «المجزرة» التي هزت الرأي العام المحلي والوطني.