تتساءل النساء الموظفات حاليا واللواتي يحظين بمساعدة أزواجهن هل صحيح أن الرجل اليوم أصبح أكثر تقبلا لمساعدة المرأة والقيام ببعض وظائف البيت؟ أم أن عقليته مازالت على حالها والمساعدة التي يقدمها ليست سوى ظرفية في حالة عدم قدرة المرأة صحيا على الوفاء بها؟ هذا السؤال حملناه بدورنا إلى مجموعة من الرجال الذين عبروا عن رغبتهم في الإجابة عنه علهم يريحون نساء لا زلن يتداولن أخبار أزواجهن الذين إما أنهم لا يبدون اهتماما بالبيت، أو أن مشاركتهم تقتصر على جوانب ثانوية وبسيطة لا تستجيب لحاجيات المرأة، خاصة الموظفة التي تأتي إلى المنزل منهكة القوى. هل العمل المنزلي مسؤولية الزوجة فقط؟ أم مسؤولية الزوجين معا باعتبارهما شريكين في الحياة بحمولتها المادية والمعنوية، وهل يستطيع الرجل المغربي أن يقوم بنشر الغسيل مثلا في تحد صارخ منه للتراث الثقافي الذي يقول إن للرجل دور القوامة، والمرأة لها دور في البيت، وخلط الأدوار إنما استثناء لا يقاس عليه، أم أن هذا الاستثناء يتخذ من رسول الله (ص) قدوته، حيث كان يساعد(ص) أهل بيته في أشياء تساند الزوجة، وتخفف عنها، رسالة منه إلى الرجل بكون مساعدته لأهل بيته علاقة إنسانية بالدرجة الأولى وليس انتقاصا من رجولة ولا مساسا بكرامة. يونس الذي لم يتزوج بعد ويطمح إلى تكوين أسرة مستقرة، لم ير في مساعدة الرجل لزوجته في أعمال البيت انتقاصا من رجولته التي اعتبر أنها ستزداد قوة ومتانة، إذا عمل على مشاركة الزوجة أشغالها خاصة إذا كانت موظفة، لكنه بالمقابل دعا النساء اللواتي يساعدهن أزواجهن إلى عدم الاتكال على هذه المسألة والنظر إليها على أنها عنصر ضعف للسيطرة عليه وإخضاعه لكل الشروط التي تريدها. يبدو أن يونس رغم عدم زواجه لحد الآن، فهو متيقن من نفسه ويحاول إيجاد توازن بين شخصية الرجل التي لا ينبغي أن تهتز والمروءة الواجبة عليه اتجاه زوجته وعامل التفاهم بينهما كي تسير حياتهما على أكمل وجه. في حين قال أيوب إن حمل المرأة لطفلها وإرضاعه وإطعامه وتغيير حفاظاته من الأمور العادية الواجبة عليها سواء كانت موظفة أو ربة بيت، لهذا ليس مطلوبا من الرجل أن يساعد في مثل هذه الأعمال التي لا تتقنها سوى المرأة، ولا أتصور أن تغيير الرجل لحفاظة الطفل سيكون متقنا مثل المرأة. ورغم تأكيدنا له بأن عددا من الرجال يحبون ذلك نظرا لعشقهم لأبنائهم ولا يجدون حرجا في القيام بتلك الوظائف، تحدث عن أنه بالذات إذا تزوج وأنجب طفلا، فإنه سيلجأ لأساليب اللعب وممارسة الرياضة مع ابنه لزيادة التعلق به وليس تغيير الحفاظة. أيوب على الرغم من أنه بدت عليه علامات الذكورية حسب رأي البعض فإنه لم يبد أي اعتراض على طهي الطعام وتنظيف المنزل وغسل الأواني بعد الأكل، لكن بشرط "ألا تأخذ الأمر وكأنه واجب يومي ولكن في بعض الأحيان". وقال إن عدم مشاركة الرجل لزوجته في العناية بالبيت مفهوم ومقبول إذا كانت المرأة لا تعمل، أما إذ كانت تشتغل وتعود إلى البيت متعبة فينبغي أن يساعدها الزوج لكن "شؤون الأطفال تظل مسؤولية الزوجة الأساسية حتى لو كانت امرأة عاملة". واستغرب عيسى استهجان بعض الرجال "تحميم" الأبناء الصغار ومساعدة الزوجة في كل شؤون البيت المختلفة، وقال إن عددا من الرجال يعتبرون أن عدم قيامهم بشيء ما في البيت سواء من أجل أطفالهم أو شؤون المطبخ والغسيل فخر لهم وبمثابة تحكم في المرأة، معبرا عن تأييده لمساعدة الزوج ومنحها وقتا للراحة من ضغوطات المنزل والأبناء ولم لا "القيام بدلا عنها في بعض الأيام بكل ما تقوم به طوال الأسبوع"، وهذا فيه تكريم للمرأة ومنحها المكانة اللائقة بها داخل الأسرة والاعتراف بعملها وتعبها ولو كانت ربة بيت. عدم مساعدة الرجل لزوجته مشهد عادي في مجتمعنا المغربي بدعوى أن من مهامها القيام بمتطلبات البيت لوحدها، لكن بدأت هذه الأفكار البالية تتزحزح من اهتمام الرجال الذين أيقنوا أن المساواة الحقيقية، ليست فقط في ما هو مادي، بل انتقلت إلى مستوى البيت، خاصة أن المرأة التي تعمل تكون كثيرة الطلب من زوجها المساعدة أو جلب خادمة لتقوم بعمل البيت المتعب بالنسبة لها. وقال أحمد إنه يؤيد مثل هذه الأفكار، سيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يساعد في شؤون البيت، واستشهد بقريب له أنجبت زوجته طفلا وباعتبار أنه لم يكن لديهما خادمة لتساعد زوجته عمل على مشاركتها في كل شؤون البيت بدون استثناء، بل إنه كان يضع طفله في العربة ويأخذ الحليب والحفاظات معه ويذهب لنزهة في الحديقة من أجل ترك زوجته لترتاح قليلا أو تنهي بعض الأعمال في المنزل ويوافقه الرأي"عصام " ويقول " رغم أن طبيعة عملي تجعلني مشغولا دائما، فإنني أقتنص بعض الوقت لمساعدة زوجتي، فهي أيضا تساعدني في الأعباء المادية للبيت، ونحن حديثو الزواج، وأجد متعة وأنا أساعدها حتى أشعرها بحبي لها.