احتضنت قاعة الندوات في فندق فاخر بمدينة فاس لقاء غير عادي عقده وزيران ينتميان إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، نهاية الأسبوع الماضي، مع عدد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين ورجال السياسة الغاضبين من تدبير الشأن العام المحلي بعاصمة الجهة والأطراف المحيطة. واستغل الوزيران محمد بوسعيد، ومحمد عبو، هذا اللقاء لدعوة أصحاب رؤوس الأموال الغاضبين من تردي الأوضاع الاقتصادية، ومناخ الأعمال بالجهة، إلى الالتحاق بحزب التجمع، في إطار تسخينات انتخابية تظهر أن التجمعيين يريدون الظفر بحضور وازن في جهة أصبحت قبلة، في الآونة الأخيرة، لتجمعات أقطاب حزبية كبرى، من الأغلبية الحكومية والمعارضة. وقالت المصادر إن قيادة التجمع بذلت مساعي من أجل استقطاب سياسيين غاضبين على المستوى المحلي، حيث أثار حضور رشيد الفايق، رئيس جماعة أولاد الطيب، نفس اللقاء، رفقة وفاء البقالي، قيادية محلية سابقة في حزب «البام»، وخديجة الحجوبي، ناشطة جمعوية معروفة، وإدريس فصيح، رئيس المجلس الجهوي للسياحة، انتباه جل المتتبعين. وحاول التجمعيون، وهم يتحدثون عن المناخ العام للأعمال، التأكيد على أن محنة الأعمال، وتراجع جاذبية المناطق الصناعية، وظروف الاستثمار، و«تشدد» المساطر، يعود إلى تعقيدات محلية، وإلى تدبير سياسي محلي غير ملائم، في إشارة إلى تدبير حزب الاستقلال لكل من المجلس الجماعي للمدينة، والمجلس الإقليمي، ومجلس الجهة، وهي عكس مقاربة حزب الاستقلال التي تقول إن المدينة تعاني من «حصار» حكومي، بسبب إقحام صراع محتدم بين المعارضة التي يتزعمها حزب الاستقلال، وبين الأغلبية الحكومية التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية، على الصعيد الوطني. وتحسر الوزير بوسعيد، وهو يحاول تفهم «احتواء» غضب رجال الأعمال، على ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بفاس، فيما كانت هذه المدينة من أبرز المدن التي تعيش دينامية اقتصادية، بوأتها المرتبة الثانية على الصعيد الوطني، قبل أن تتراجع مع مرور السنوات إلى أسفل الترتيب، ومعها تحول «كوطيف»، أكبر معامل النسيج في أفريقيا، بعدما تعرض للإفلاس، إلى جحر للفئران، ومخبأ للكلاب الضالة. واشتكى الوزير عبو من عرقلة مشاريع المستثمرين، حد أنه قام بسرد تفاصيل عن مشروع شخصي للاستثمار تعرض للإجهاض جراء هذه العراقيل. غير أن عبو وبوسعيد وجدا نفسيهما في وضعية صعبة بعدما ووجها بأسئلة من قبل رجال أعمال محسوبين على حزب الاستقلال حول ما قدمته حكومة بنكيران من برامج للمساهمة في تلميع صورة المدينة التاريخية، وإخراجها من هذا الوضع، في ظل تزايد حديث الاستقلاليين عن أن «العزلة» التي تعاني منها المدينة سببها تهميش الحكومة، بغرض إضعاف المعارضة، وتشويه حزب الاستقلال، في إطار صراع سياسي محتدم لا يبقي ولا يذر.