في مؤشر على توتر العلاقات المغربية الإسبانية أصدر القاضي الإسباني بابلو روث موافقته أول أمس الخميس على متابعة 11 مسؤولا مغربيا، سبق لهم أن شغلوا مهام مدنية وعسكرية بمدن جنوب المملكة، بتهمة الإبادة الجماعية، في الفترة التي تلت رحيل الاستعمار الإسباني من المدن المذكورة. ولم تعلق الرباط إلى حدود زوال أمس الجمعة على قرار القاضي الإسباني بالموافقة على محاكمة 11 من مسؤوليها. ومما يمكن أن يوتر العلاقات بين الرباط ومدريد أن هذه الأخيرة استثنت الصحراء المغربية من الإصلاحات التي قامت بها على مبدأ العدالة الكونية، الذي سبق أن طبقته في الماضي، وخلق لها أزمات دبلوماسية مع مجموعة من الدول الكبرى. وأصدر القاضي بابلو روث، الذي خلف القاضي المثير للجدل بالتسار غارثون، الذي كان يحقق في الشكايات التي تقدمت بها جمعيات قريبة من جبهة البوليساريو، مذكرات بحث في حق 7 مسؤولين مغاربة من ال 11 مسؤولا، الذين قرر متابعتهم بناء على الشكاية التي تقدمت بها إحدى الجمعيات. واعتمد القاضي روث على شهادات 19 شخصا، يدعون بأنهم تعرضوا لانتهاكات في الصحراء بين عامي 1975 و1992، وثقوا شكايتهم بوثائق وصور فوتوغرافية تعود إلى تلك الفترة، لتوجيه تهم «إبادة جماعية» يدخل في إطارها الاعتقال غير القانوني، والتعذيب، والقتل، ضد المسؤولين المغاربة الأحد عشر، الذين اتهمهم بارتكاب 50 جريمة قتل و202 اعتقال تعسفي في حق صحراويين كانوا يحملون الجنسية الإسبانية. وجاء قرار القاضي روث كذلك على خلفية ملف يعود إلى سنة 2007 عندما كان القاضي الشهير بالتسار غارثون قد بدأ التحقيق في الشكايات التي رفعتها جمعيات حقوقية إسبانية متعاطفة مع البوليساريو. وتولى القاضي بابلو روث التحقيق في هذا الملف بعدما تم طرد غارثون من سلك القضاء بسبب أخطاء ارتكبها. يذكر أن مفهوم القضاء الكوني، الذي كان معمولا به في إسبانيا، يجيز لمحاكم البلاد التحقيق في جرائم ارتكبت في الخارج. وحسب القانون الجديد «لا يحق لفرد أو منظمة ليست طرفا في القضية تحريك مسطرة ضد جرم ارتكب بالخارج، ووحده المدعي العام أو الضحايا يمكنهم اللجوء إلى القاضي في مثل هذه الحالات». ويجيز النص الجديد للمحاكم الإسبانية التحرك في حالات «جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية أو ضد الأشخاص والممتلكات في النزاعات المسلحة» شريطة أن يكون الإجراء موجها ضد مواطن إسباني أو أجانب مقيمين «عادة» في إسبانيا.