بالرغم من التهامه ميزانية ضخمة من المال العام، وتخصيص وعاء عقاري جماعي له فاقت مساحته الهكتارين، فإن مشروع تشييد مشتل المقاولين الشباب بالقنيطرة، الذي حاز كل تلك الإمكانيات، لم تكتب له الولادة، وفق ما كان مقررا له، لتتبخر معه آمال الكثير من حاملي مختلف الدبلومات، الذين وجدوا أنفسهم أمام مشروع وهمي، استنزف أموالا طائلة دون أن تتم محاسبة المتورطين. جهات عدة، طالبت بفتح تحقيق جدي ونزيه في ملابسات تعثر هذا المشروع الذي احتضنته منطقة «الحي الصناعي الساكنية» بالقنيطرة، والتدقيق في حسابات الأموال التي أُنفقت من أجل إنجازه، والتي أكدت المصادر أنها تجاوزت الملايير من السنتيمات، قبل أن يكتشف الجميع أن مشتل المقاولين تحول إلى وكر لممارسة الدعارة، وملاذ آمن لتجار المخدرات والعصابات المتخصصة في اعتراض سبيل المواطنين وسرقتهم. واستهجنت المصادر الصمت المطبق للمسؤولين حيال الظروف التي غيبت التحقيق في تبديد أزيد من 5 مليار سنتيم في مشروع، تم إنجازه في إطار الشراكة التي أبرمتها آنذاك الوزارة المكلفة بالصناعة والتجارة مع الجماعات المحلية، لتسهيل خلق المقاولة وإنعاش تشغيل الشباب وتقليص معدل فشل المقاولات المحدثة من طرفهم، لكنه لم ير النور بعد. ووصفت الأطراف ذاتها الحالة التي أضحت عليها مرافق هذا المشتل بالفضيحة الكبرى التي لا يمكن السكوت عنها، بالنظر إلى حجم الأموال العمومية الضخمة التي صرفت على المشروع، دون أن يحقق الأهداف التي تم تسطيرها في الاتفاقية المذكورة، وقالت إن تسليم مشروع فضاء المقاولين ظل معطلا إلى حد الآن، بسبب التخريب وعمليات السطو التي طالت جميع تجهيزاته ومرافقه، بعدما لاقى إهمالا كبيرا من طرف المسؤولين، الذين كانوا وراء تبذير مبالغ مالية خيالية من ميزانية الدولة على مشروع وهمي. ودعا متتبعون زينب العدوي، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، إلى التعجيل بمحاسبة المتورطين عن تبديد المال العام، وتقديمهم للمحاكمة، نتيجة تقصيرهم ومسؤوليتهم المباشرة عن تحول بنايات هذا المشتل، بعد مرور أزيد من 10 سنوات على تشييدها، إلى أماكن مهجورة ومخيفة يرتادها فقط المنحرفون والهاربون من العدالة، عوض أن تحتضن مشاريع المقاولين الشباب. واستغربت المصادر نفسها عدم مبادرة الوالي العدوي إلى تحريك ملفات الفساد الذي طال العديد من المشاريع بالقنيطرة، وغضها الطرف عن الخروقات الفظيعة التي شابتها، نظير مشروع مشتل المقاولين ومشروع القنيطرة بدون صفيح وتجزئة الحدادة، وكذا مختلف الصفقات التي أنجزت في إطار برنامج التأهيل الرباعي للمدينة، حيث ظل المسؤولون عن الاختلاسات والتجاوزات والتلاعبات التي عرفتها هذه المشاريع في منأى عن كل محاسبة رغم خطورة ما اقترفت أيديهم من جرائم في حق هذه المدينة وساكنتها.