تعرض متحف الفن المعاصر «الإبريز»، الذي هو قيد الإنجاز لعملية سرقة، طالت 40 لوحة قدرت قيمتها ب200 مليون سنتيم، تعود لفنانين مغاربة أحياء وأموات كمحمد القاسمي و ميلود البيض وغيرهم، والمتهم مستخدم بالمتحف، وهو لايزال فارا قيد البحث. تعرضت مجموعة من الذخائر الفنية للسرقة من متحف الفن المعاصر «الإبريز» بالرباط، وجلها لوحات نادرة لم يسبق عرضها أوشاهدها أحد، حسب المالك الأصلي لهذه اللوحات، وبعضها الآخر يعود لفنانين تشكيليين مغاربة راحلين أمثال محمد القاسمي وميلود لبيض ومحمد الواح وجمال شكير. وتعد هذه ثاني أشهر سرقة بعد تلك التي سبق أن تعرض لها فوزي الشعبي. الفنان محمد التومي، واحد ممن سرقت لوحاتهم، صرح ل«المساء» بأن عملية السرقة هذه لم تتم بشكل اعتباطي، حيث ركزت على أسماء فنية مطلوبة في السوق أو لها أهميتها، مما يعني في نظره أن هناك شبكة كانت تعزل اللوحات، بتوظيف الشاب الذي مكلفا بحراسة المتحف لقيام بهذه المهمة التي وصفها بالخسيسة، مضيفا أنه ظل يقوم بتنفيذ عمليات السرقة على مدار سنتين ونصف إلى أن فطن رب المتحف عبد الجبار الحريشي لذلك، مردفا أن هذا الشاب كان محل ثقة مشغله، بل في موقع ابنه، مشيرا إلى أنه اشتغل لديه وهو صغير السن. ولم يستبعد التومي أن يكون هذا الشاب قد غرر به وسقط في هذه اللعبة، ولربما لمحدودية دخله، حسب قوله. وأشار التومي إلى أن عملية بناء وتأهيل هذا المتحف انطلقت منذ 1992، وانتهت به الأشغال منذ سنتين، وتطلب من صاحبه اسثتمار أموال طائلة، سخر لها كل إمكانياته، بما فيها موارد محلات الكراء التي هي في ملكه ب«جوطية» الرباط، ورصيد اللوحات التي ورثها عن والده الذي كان يتاجر في التحف النادرة ومن ضمنها اللوحات، ليضيف عليها ما راكمه الحريشي الابن باعتباره فنانا تشكيليا وجامعا للوحات. أطراف أخر ى من الوسط الفني، ممن اتصلت بهم «المساء»، لم ترد ذكر اسمها تساءلت عما إذا كانت هذه العملية محاولة للفت الانتباه والدعاية للمحل، مشككة في أصالة العديد من اللوحات التي يملكها الحرايشي، خاصة وأنه «ظل يتعامل مع بعض الفنانين الهواة الذين يقتني منهم أعمالا بقيمة مالية بخسة ويعيد بيعها بأثمان مضاعفة، مستغلا احتياجاتهم الاجتماعية، وأضافت عبر تساؤلاتها إن كان الرصيد المتوفر في المتحف يتوفر على خبرة، لتشير إلى أن المتحف المذكور لا يتوفر على هيئة ومواصفات ومعايير فضاء العرض، وأن اللوحات متراكمة بشكل اعتباطي، وأن مالكه ظل يردد منذ أكثر من سنتين بأنه بصدد فتحه. عبد الجبار الحريشي في تصريحه ل»المساء» أكد أن اللوحات التي في ملكه تصل إلى حوالي 40 ألف لوحة تشكيلية ل 320 فنانا تشكيليا، أغلبهم من المغرب، وبعضهم أجانب أقاموا لفترات في المغرب. مبرزا أنها لوحات أصيلة وتتوفر على مرجعية، وأنه ظل منكبا على إحصائها وتبويبها وتأطيرها، حسب كل فنان على حدة، مع تصويرها إلكترونيا، مشيرا إلى أنه هيأ أربعة وتلاثين كاطالوغا أنجزت إلي حدود الساعة، وأن الأعمال ما زالت جارية، إذ تتطلب إعداد 200 معرض لإبراز المجموعات المنتقاة. وكشف الحرايشي أن خلفيته من إنشاء هذا المتحف ليست تجارية بالمرة بل صدقة جارية، وأن تكرس اسمه وتجعل من الشأن الفني التشكيلي أمرا متاحا لكل المغاربة، معتبرا أن الإجراءات القانونية والإعداد الفني والأدبي هي التي ساهمت في تأخر المشروع الذي يساهم فيه أكثر من 50 فنانا وبلوحات تصل إلى 60 في المائة لم تتم مشاهدتها إلى حد الآن، حسب الحرايشي، الذي حدد موعد 2010 كتاريخ للافتتاح الرسمي. ويقع متحف الفن المعاصر «الإبريز» الذي يرغب صاحبه في أن يجعل منه أكبر متحف متخصص في الفنون التشكيلية في المغرب، بوسط العاصمة الرباط، ويتكون من ثلاثة طوابق، وعلى مساحة 1000 متر مربع. وفي موضوع السرقة، وجه محافظ متحف الفن المعاصر «الإبريز» بالرباط، الاتهام لحارس المتحف، الفار إلى حد الآن، قائلا إنه كان يشتغل معه منذ سنتين، ويتوفر على جميع المفاتيح، موضحا أنه لا يمكنه الإهتداء إلى اللوحات المسروقة من تلقاء نفسه، بل اعتمادا على توجيه جهة معينة، أو عصابة مختصة في سرقة اللوحات، ولها معرفة دقيقة بطبيعة أعمال الفنانين الذين تم السطو على أعمالهم. وأشار الحريشي إلى أنه اكتشف وإلى حد الآن سرقة ما يفوق 40 لوحة، وأنه سبق أن قدم بلاغا لدى الشرطة القضائية بتاريخ 29 شتنبر الماضي يخبرها بتعرض محله لسرقة كان قد حددها في 10 لوحات، تحت رقم 1144، وأعاد إضافة بلاغ ثان إلى البلاغ الأول، على ضوء السرقات التي اكتشفها مؤخرا. معربا عن تخوفه من أن يكون عدد اللوحات أكبر من ذلك بكثير. وقال عبد الجبار الحريشي، إن البحث ما زال جاريا، وإن معلومات التي تفد عليهم تشير إلى العثور على بعض اللوحات المسروقة، لكن دون إثبات، مبرزا أن القيمة المالية للوحات المسروقة تقدر بما يفوق 200 مليون سنتيم، حسب ما كشف عنه محافظ المتحف. وعبر الحريشي عن خشيته من تهريب تلك اللوحات خارج الوطن، أو أن تتعرض للتخريب، مشددا على أنه قام بالإجراءات اللازمة لدى المهنيين والمختصين في القطاع ولدى الجمارك، حتى يحمي تلك اللوحات من الضياع، ويحمي مقتنيها من النصب والاحتيال. وقال «ما يحز في نفسي هو أن تضيع تلك الذخائر والنفائس، التي جمعتها طوال حياتي، ورغبت في جعلها تراثا وطنيا يستفيد منه كل المغاربة، عبر تأسيسي لهذا المتحف.