«أنظر، هناك امرأة مسلمة محجبة بلباس البوريكيني على حافة المسبح».. ظلت هذه الجملة تتكرر بشكل مستمر بين الإيطاليين بمسبح مدينة «فيرونا» الإيطالية أول أمس لمشاهدتهم سيدة مغربية مسلمة أثارت فضولهم وهي ترتدي زيا إسلاميا خاصا للسباحة يغطي مفاتنها ويستر عوراتها، يطلق عليه الإيطاليون اسم «بوريكيني» (كلمة تم المزج فيها بين البورقا والبيكيني). كانت عيون الإيطاليين بالمسبح ترمق بخوف وترقب السيدة المغربية التي كانت تستعد للبدء في السباحة إلى حد جعل بعضهم يتوقف عن أي نشاط كان يقوم به ليفهم ما يجري حوله ولماذا غالبية من بالمسبح يهتمون لشابة تغطي رأسها وعنقها وجسدها كله بلباس أسود يختلف عن «مايوهات» النساء الإيطاليات اللواتي كن يتباهين بها ويتنافسن بينهن لإظهار مفاتنهن والوشوم المرسومة على غالبية أجسادهن. الكل كان في حيرة وفضول سرعان ما تحول إلى بُغض واحتجاج على المسلمة صاحبة «البوريكيني»، خصوصا وأنها لم تكن تأبه إلى نظرات الإيطاليين، لترتمي في حوض المسبح مظهرة قدرة على التعامل مع الماء. ردة الفعل هذه جعلت عددا من الإيطاليات يخرجن أبناءهن من الحوض في احتجاج وغضب غير مفهوم، مما جعل مدير المسبح يتوجه إلى السيدة المسلمة ويطلب منها بأدب أن تمنحه بعض التفاصيل عن «مايوه البوريكيني» وعن ثوبه ومدى احترامه للشروط الصحية التي تتواجد في المايوهات العادية. كانت السيدة المحجبة على استعداد لكل شيء وكانت، بالتالي، تتوقع ردة فعل الإيطاليين هذه لتمنح مدير المسبح وأمام أعين الكل معلومات وتفاصيل بحجج ودلائل عن لباس استحمامها الذي كان ثوبه مثل ثوب «المايوهات» الأخرى ويراعي كل الشروط الصحية، مما أخجل المدير ومعه عدد من الإيطاليين من الحاقدين على كل ما هو إسلامي. وفي سياق آخر سيعاني أكثر من مليون ومائتي مسلم بإيطاليا في شهر رمضان من غياب مساجد بالمواصفات المتعارف عليها لتأدية شعائرها الدينية، وذلك بعد أن زادت بلديات المدن التي يتحكم فيها اليمين الإيطالي من ممارسة التضييق على بناء المساجد وأماكن مناسبة للصلاة. فشعار «لا للمساجد»، الذي تبناه حزب عصبة الشمال قبل وبعد وصوله إلى سدة الحكم، جعل المساجد المعترف بها بإيطاليا ثلاثة لا غير؛ أولها بروما، وهو الأكبر بأوربا، وثانيها بحي سغارتي بمدينة ميلانو، وثالثها بمدينة كاتانيا؛ وما غير ذلك يبقى مراكز إسلامية تستغلها الجمعيات الإسلامية لتأدية الصلاة في إطار الحق في التجمع المرخص به للجمعيات. وحسب وزارة الداخلية الإيطالية، فإن عدد المراكز الإسلامية بإيطاليا التي تقام فيها الصلاة وصل إلى ثمانية آلاف، غالبيتها تنشأ بشقق صغيرة ومستودعات ومصانع سابقة تعتبرها السلطات الإيطالية أماكن غير مهيأة لتجميع أعداد مهمة من المصلين، وبالتالي يلزم إغلاقها خوفا على سلامتهم، حسب رأيها. ومخافة أن يصدر في حقها قرار بالإغلاق، سارعت عدة جمعيات إسلامية بإيطاليا، عانت الكثير لشراء مكان لإقامة الصلاة فيه، إلى إعادة بنائه وتأسيسه، حسب الشروط الوقائية والصحية والهندسية المعقدة التي وضعتها البلديات اليمينية المناهضة للإسلام، لكن ذلك لم يجنبها قرار الإغلاق، لتقوم بلديات فاريزي، غلاراتي، فيرونا، ساسولو، ومدن أخرى بشمال إيطاليا بإصدار قرار وضع الشمع الأحمر على أبواب المراكز الإسلامية المتواجدة بمدنها في حين اقتصرت مدينة ميلانو على إغلاق مركز «فيالي يانير»، فقط، الذي اعتبرت أنه يتسبب في إزعاج حقيقي لسكان الحي وللمارة عبره؛ أما بلدية مدينة نوفارا، التي تتحكم فيها عصبة الشمال، فقد هددت المسلمين هناك بإغلاق مركزهم الإسلامي إذا استمر المصلون في إحداث الفوضى في حي سانتا اغابيو وبالتالي في إزعاج سكانه المسلمين والأجانب الذين يمثلون الأغلبية فيه وبنسب عالية.