يؤكد خبراء التربية أن آثار التمييز بين الأبناء تنعكس بشكل مباشر على تصرفاتهم وتكوين شخصيتهم، وتأخذ منحى أكثر عند الفتيات لأنهن أرق شعورا وأرهف إحساساً, حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء»، وهذا ليس من باب التمييز، بل من باب التقديم المعنوي وإشعار الإناث بلطف الإسلام وتقديره للمرأة، فهذه الأخطاء قد تؤدي إلى الانكماش والعزلة والانطواء كنتيجة سلبية، وأحيانا إلى النزاع والاصطدام والشجار. ويؤدي التمييز بين الأولاد إلى علاقة سلبية فيما بينهم، حيث يميل الطفل، الذي يشعر بأنه أقل حظوة من أخيه، إلى كره شقيقه الآخر وغيرته منه لكونه مقرباً من والديه، فيصدر تصرفات تنم عن حسده على الحنان والرعاية التي يحظى بها، لأنها جاءت في نظره على حسابه، وقد يصل الأمر إلى تمني أن يصاب أخوه بأي مكروه حتى يحتل مكانه ويحظى باهتمام والديه، وعلى النقيض من ذلك ينشأ الولد الذي يشعر بالمساواة مع إخوته، نشأة صحية نقية، بعيدة عن الحقد والحسد والغيرة. يؤدي الإحساس بالتمييز بين الأبناء إلى الإصابة بأمراض نفسية عديدة، يكون من نتيجتها إخفاق الطفل في تحقيق أهدافه المستقبلية, وعدم إشباع حاجاته الجسمية والنفسية والاجتماعية بشكل سوي، وضعف معنوياته وشعوره بالإخفاق والإحباط، ووقوعه تحت وطأة التوتر والصراع النفسيين. وفي كثير من الحالات عند الأطفال الذين تم التمييز بينهم منذ الصغر، تبين بأن مشاعر الضيق والحقد قد ترافقهم عند بلوغهم، وقد تنعكس على معاملتهم مع أطفالهم في المستقبل، وقد يعاني الطفل المفضل نفسيا من نظرة إخوانه العدائية والكره الممارس ضده على مستوى السلوك اليومي، وقد يصل الأمر إلى مستوى إلحاق الضرر بالتجريح والمقاطعة والضرب في بعض الحالات. ومن أجل علاج المشكلة، ترى الدكتورة سعاد، أنه لا بد للوالدين من قراءة نفسية الأبناء، كمحاولة لفهم دواخلهم، ومعرفة احتياجاتهم وردود أفعالهم، وهو ما يتطلب جهداً ودراية خاصة لترجمة المحبة والشعور الداخلي إلى سلوكيات وتصرفات، وفي حالة عدم القدرة على ذلك فلا بأس من التصنع لإبداء المحبة لجميع الأبناء، ومن المؤكد أن يرتاح الأبناء إلى هذه البادرة لتطفو إلى السطح إيجابياتها، ولو كانت بسيطة. كما يجب إعطاء الأبناء حقهم في التعبير عن مشاعرهم وحاجياتهم، والاستماع إليهم جميعاً، وعدم تقديم اهتمام كبير للطفل الصغير بشكل لافت للنظر، خاصة أمام أخيه الذي يكبره مباشرة، كي لا يُفسر ذلك بأنه نوع من التمييز بينه وبين إخوته، ويُستحسن بث روح التعاون والمحبة بين الأطفال، وتكليفهم بمهام جماعية من شأنها خلق جو من التآلف التعاون والمحبة فيما بينهم.