أجمع قضاة وجامعيون شاركوا في ندوة حول مدونة الشغل نظمتها هيئة المحامين بالرباط، بمناسبة مرور خمس سنوات على دخولها حيز التطبيق، على أهمية الإشكالات التطبيقية التي تطرحها مدونة الشغل على المستويين القضائي والمسطري. كما أبرزوا صعوبة استيعاب معظم القضاة الممارسين لمضامين بنود المدونة التي قد تصل إلى حد التضارب في مراميها. واعتبر محمد أقديم نقيب هيئة المحامين بالرباط أنه من الواجب تخصيص ندوات علمية مكثفة لمعالجة الإشكالات التي تطرحها مدونة الشغل. إلى ذلك، أشارت بشرى علاوي، رئيسة الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، إلى أن سد الثغرات القانونية التي تعتري المدونة كفيل بحل النزاعات التي يعرفها قطاع التشغيل، معتبرة أن المبادرة التي تبناها المعهد العالي للقضاء لتجميع كافة الإشكالات المطروحة على مختلف محاكم المملكة لم تحد من تداول أربع وثمانين إشكالية. وأثارت علاوي الجدال الحاصل في تطبيق المادة 62 من المدونة، التي تفيد بضرورة التوجه إلى مفتش الشغل عند إتمام مسطرة الاستماع حيث يراها البعض إلزامية، ومن النظام العام بالنسبة للمشغل، بينما يراها البعض الآخر غير إلزامية وليست من النظام العام بالنسبة للأجير. كما تطرقت علاوي إلى مسطرة الصلح المشار إليها في المادتين 41 و532، مؤكدة وجود تناقض صارخ بين مضامينها، ورأت أنه كان من الأجدر تسبيق مضمون المادة 532 التي تشير إلى أن الصلح قابل للطعن، بينما المادة 41 تقر أن الصلح نهائي ولارجعة فيه. نفس الإشكال طرحته علاوي فيما يخص المادتين 65 و295، حيث تشير الأولى إلى أن أجل رفع الدعوى من طرف الأجير هو 90 يوما، بينما تشير الثانية إلى أن أجل رفع الدعوى محدد في سنتين، إلى جانب الإشكاليات التي يطرحها التطبيق القضائي لمدونة الشغل، والمتمثلة في المغادرة التلقائية، مبرزة أن التعريف القانوني للمغادرة التلقائية، حسب مدونة الشغل، تشوبه عدة ثغرات تتعلق بتبرير التغيب عن العمل وتحديد مدى علاقته بالخطأ الجسيم. إلى ذلك، تطرقت علاوي إلى مسألة شهادة الشهود وأعربت عن استغرابها من غياب نص قانوني يمنع شهادة شهود تربطهم علاقة تبعية مع المشغل، كما دعت القضاة إلى التحري فيما يعرضه الشهود أمام المحكمة.