أجبرت مصالح وزارة الفلاحة مالكي ضيعات الخنزير على تسييج ضيعاتهم ومراقبة مداخلها ومخارجها. كما أن مديرية الفلاحة بأكادير تلقت تعليمات صارمة من أجل التتبع البيطري المكثف والمركز للضيعات التي يربى بها الخنزير، والحرص على عدم انتقال تلك الرؤوس إلى باقي المناطق. قادنا فضولنا لاكتشاف ضيعات تربية الخنازير بمنطقة أكادير، بعد الانتشار السريع للأنفلونزا المرتبطة بهذا الحيوان، إلى قطع أكثر من 100 كيلومتر ذهابا وإيابا بحثا عن هذه الضيعات خارج المدينة في اتجاه مدينة تارودانت، فاكتشفنا أن غالبية الموطنين بالمنطقة لا يعرفون الشيء الكثير عن أمر هذه الضيعات، كما اكتشفنا السرية المضروبة على مراكز تربية الخنزير، وأفادتنا مصادر من المنطقة بأن السلطات ولجان وزارة الفلاحة ووزارة الصحة أولت اهتماما لهذا الحيوان، وهكذا منعت على الجميع زيارة مراكز تربيته باستثناء أصحابها والعاملين بها. وقد تم منعنا كذلك، كصحفيين، من الدخول وتصوير هذه الحيوانات. ورغم أن الإسلام حرم أكل لحم الخنزير، فقد لاحظنا أن ضيعات تربيته منتشرة وسط مناطق لا يسكنها إلا مسلمون ولا يشتغل بها إلا مسلمون، كما اكتشفنا أن جل هؤلاء العاملين بهذه الضيعات لا يلقون بالا للمرض القاتل. وهنا، يطرح سؤال كبير حول الإجراءات الفعلية المتخذة لتجنب الوباء من تعبئة العاملين وتحسيس الساكنة. وتتواجد مراكز تربية الخنزير بمنطقة فلاحية وسط دواوير صغيرة بين جماعتي تمسية وأولاد داحو التابعتين لعمالة إنزكان أيت ملول، وتضم 3 ضيعات لأجانب مستقرين بالمغرب منذ مدة يعود تاريخ خلقها بالمنطقة إلى بداية الثمانينيات. وهكذا، توجد الضيعة الأولى بدوار جرف، وبها 250 خنزيرا ويعمل بها عاملان اثنان ويدبر أمرها مغربي قيل لنا إنه شريك لأجنبي هو من يتكفل بإدارتها، لم يكن حاضرا أثناء زيارتنا للمكان. الحارس سعيد أمدنا بهاتفه، ولما اتصلنا به قال إن قرار السماح أو عدم السماح بالدخول إلى الضيعة وتصوير الخنازير يعود إلى الأجنبي. وكررنا الاتصال به بعد أن طلب مهلة لعرض الأمر على صاحب الشأن، فرد بأن الأجنبي يرفض السماح لنا بالدخول وأخذ صور. أما الضيعة الثانية والموجودة بدوار عين سيدي بلقاسم فهي كذلك في ملكية أجنبي، ويسمى فريدمان، شيدها سنة 1982، بها 1700 خنزير ويشتغل بها 15 عاملا ويتكلف بإدارتها مغربي، وهي الوجهة التي نقلت إليها خنازير ضيعة توجد بجوار أكادير كانت السلطات قد أمرت بإغلاقها. أما الضيعة الثالثة فتضم 570 خنزيرا، وقد تم إنشاؤها من قبل مالكها بالتمسية سنة 1985، فلم نعثر عليها.. وكل الذين سألناهم عن مكانها كانوا يحيلوننا على الضعيتين السابقتين، ولكننا كنا متأكدين من وجودها حسب معلومات استقيناها من حراس الضعيتين سالفتي الذكر. أما عن مرض أنفلونزا الخنازير الخطير، فأغلبية من التقتهم «المساء» بعين المكان كان رد فعلهم فاترا. ولما وضحنا لهم أنه المرض الذي ينتقل من الخنازير إلى الإنسان وينتشر بين البشر عن طريق السعال أو العطس من قبل شخص مريض أمام شخص سليم، فضلا عن إمكانية انتقاله عن طريق ملامسة أي شيء يحمل فيروس الأنفلونزا ثم ملامسة اليد للفم أو الأنف أو العين، وأنه إلى حد الآن قتل العشرات من الناس بسببه، فضلوا الرد بقول: «الله يحفظ وصافي»، وهكذا قال سعيد، حارس الضيعة الأولى، إنه غير خائف من هذا المرض وإن الخنازير بالضيعة التي يشتغل بها ملقحة ولا يحتاج هو للوقاية من هذا المرض. وأضاف أن هناك لجنة طبية زارت المكان 3 مرات منذ سماعه بالعدوى. وفي نفس السياق، قال أحد حراس الضيعة الثانية إنه يعرف كيف يتجنب هذا المرض وإن الخنازير المريضة “باينة” و«حنا في يد الله، ما نخافو والو» . ويذكر أن السلطات المحلية بأكادير أجبرت مالك ضيعة تربية الخنزير، نهاية الأسبوع الماضي على إغلاق ضيعته وترحيل 28 رأسا من الخنزير خارج المدار الحضري لمدينة أكادير، تخوفا من احتمال إصابتها بفيروس أنفلونزا الخنازير الذي أصبح الشغل الشاغل لحكومات العالم. وعلم من مصادر رفيعة المستوى بأن السلطات المحلية والصحية والأمنية، التي أعلنت حالة قصوى من الاستنفار بسوس إثر تواتر أخبار انتقال فيروس أنفلوانزا الخنازير إلى البشر بشكل مثير، قد خيرت مالك الخنازير ما بين ترحيل أو بيع ما يمتلكه من رؤوس، أو إعدامها الواحدة تلو الأخرى من قبل السلطة، درءا لكل خطر محتمل على صحة المواطنين بالمدينة. وأفادت مصادر عليمة بأن مالك خنازير بنسركاو قرر بيع ما تبقى من رؤوس الخنزير بضيعته لصاحب ضيعة أخرى بجماعة التمسية، عمالة إنزكان آيت ملول، حيث قام بترحيل 28 خنزيرا خارج المدار الحضري وخارج تراب عمالة أكادير إداوتنان، وهو العدد الذي بقي داخل الضيعة التي كانت تحتضن 200 خنزير. وفي نفس السياق، أقرت مصالح وزارة الفلاحة بأكادير بأن عمليات ذبح وسلخ الخنزير تتم في المجازر الحضرية لبلدية أكادير، حيث يصل عدد الرؤوس التي يتم ذبحها بالمجزرة الحضرية لأكادير إلى حوالي 200 رأس من الخنزير كل شهر. وحصرت مصادر من مصلحة الماشية، التابعة لوزارة الفلاحة بأكادير، عدد رؤوس الخنازير الحية بمنطقة أكادير -المصنفة في المرتبة الثانية من حيث استهلاك لحوم الخنزير، بعد البيضاء، والأولى من حيث عدد ضيعات تربية الخنزير- في 2520 رأسا. وفي الوقت الذي قلل فيه المتحدث باسم وزارة الفلاحة بأكادير من الخطورة التي يشكلها تواجد الخنزير بالمنطقة على الساكنة، أوضح أن مصالح الوزارة قامت بزيارة ميدانية إلى جميع ضيعات تربية الخنزير بمنطقة أكادير، وتم فحص تلك الحيوانات. وقال إن المصالح الإقليمية بوزارة الفلاحة قامت بحملة تحسيسية استهدفت مالكي ضيعات تربية الخنزير، من أجل تنبيههم إلى الخطورة التي يمكن أن تشكلها تلك الحيوانات على صحة المواطنين، مجبرة إياهم على اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية اللازمة التي تمكن من محاصرة الحيوان داخل المنطقة المتواجد بها. وأضافت المصادر ذاتها أن مصالح وزارة الفلاحة أجبرت مالكي ضيعات الخنزير على تسييج ضيعاتهم ومراقبة مداخلها ومخارجها. وأضاف أن مديرية الفلاحة بأكادير تلقت تعليمات صارمة من أجل التتبع البيطري المكثف والمركز للضيعات التي يربى بها الخنزير، والحرص على عدم انتقال تلك الرؤوس إلى باقي المناطق.