بشكل مفاجئ، ألغت اللجنة التأديبية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، البطاقة الحمراء التي حصل عليها حارس الفتح، علاء المسكيني في مباراة فريقه أمام المغرب الفاسي التي انتهت بفوز الأخير بثلاثة أهداف لصفر، وهو القرار الذي يجب أن نعترف أنه سيعيد الكرة المغربية أربعين سنة إلى الوراء، وتحديدا إلى زمن الدليمي حيث لم يكن هناك صوت يعلو على صوت الاتحاد القاسمي، إذ كان الفريق مدفوعا بنفوذ الجنرال الدليمي يفعل ما يحلو له دون حسيب أو رقيب، ودون الاحتكام إلى سلطة القانون. اليوم، أبت جامعة فوزي لقجع إلا أن تعيدنا إلى هذه الفترة الحالكة، وذاك الزمن الغابر، ذلك أنه كان يكفي مسؤولي فريق الفتح الرباطي أن يحتجوا على التحكيم وأن يراسلوا الجامعة، وأن يتحدثوا عن مؤامرة بعد مباراة فريقهم أمام «الماص» لتختلط الأوراق وتقدم الجامعة على ذبح القانون، وتسحب البطاقة الحمراء من الحارس المسكيني وتمكنه من المشاركة في مباراة الوداد. المبرر الذي ساقته اللجنة التأديبية يبدو غريبا، ذلك أنها اعتبرت أن الحارس المسكيني عندما نال البطاقة الصفراء الثانية التي كلفته الطرد كان عميدا للفريق بعد طرد زميله مروان سعدان، وكان يقوم بدوره كعميد وهو يتحدث إلى الحكم حسب زعم اللجنة التأديبية التي يترأسها الرئيس السابق ل»الكاك» أنس البوعناني، بيد أن ما أظهرته اللقطات التلفزيونية لا يمت بصلة لهذه الادعاءات، ذلك أن الحارس المسكيني كان يحتج بطريقة غير لائقة، وتفتقد للاحترام ضد الحكم يوسف لهراوي، بل إنه ظل يعدو خلف الحكم وأمسك بيده، ولو قام الحكم بطرده بشكل مباشر دون أن يرفع في وجهه البطاقة الصفراء الثانية لكان على صواب. المثير أيضا في هذه الواقعة أن مديرية التحكيم، ومن خلال نائب مديرها مصطفى ليدر الذي كان يحلل تحكيم المباراة على قناة «الرياضية»، ضمن برنامج «الحكم الآخر» اعتبرت أن طرد الحارس المسكيني مستحق، لأن الأخير احتج بشكل غير لائق، وأن الحكم حافظ على شخصيته، فكيف تأتي الجامعة في اليوم الموالي لتلغي قرار الطرد وتقفز على مديرية التحكيم، علما أنها لو ألغت طرد اللاعب مروان سعدان الذي كان حصل على بطاقة حمراء لإعاقته لاعبا من «الماص» لمس الكرة بيده، لكان لذلك معنى ولا عتبرناه رفعا لظلم وقع على الفريق، مع العلم أن القرارات يمكن أن تلغى فقط إذا اعترف الحكم في تقريره أنه ارتكب خطأ، وهو ما لم يحدث في تقرير مباراة «الماص» والفتح. المفارقة في واقعة مسكيني الفتح والقرار المفضوح للجامعة أنه جاء في الوقت الذي أقام فيه المغرب ومعه جامعة كرة القدم الدنيا ولم يقعدها بعد أن سلط «الكاف» عقوباته ضد المنتخب الوطني وقرر حرمانه من المشاركة في دورتي 2017 و2019 إثر طلبه تأجيل تنظيم كأس إفريقيا 2015 إلى يناير 2016 بسبب وباء إيبولا، ففي الوقت الذي طعنت فيه الجامعة في قرار عيسى حياتو لأنه دون سند قانوني بحسبها ونقلت معركتها إلى «الطاس» بحثا عن الإنصاف، فإنها للأسف الشديد تخرق القانون في المغرب وتضرب شرف المنافسة، بل إن لقجع هنا لا يختلف في شيء عن حياتو «الكاف»، ولاداعي ليقول لنا لقجع غدا إن لا علم له بالقرار، وأن اللجنة التأديبية هي التي اتخذته وأن اللجان تعمل باستقلالية، لأننا نعرف جيدا كيف تدار الأمور داخل جامعة الكرة. والسؤال الذي يطرح اليوم بعد «فضيحة» الجامعة هو كيف يمكن لها أن تصلح مفاسد الكرة المغربية، وقد أصبحت اليوم طرفا أساسيا في الفساد، ثم كيف يمكن للحكام أن يحافظوا على هيبتهم وقراراتهم تلغى بجرة قلم من طرف لجنة لا علاقة لها بالتحكيم ولا بأبجدياته، وإذا كان الحكام يتعرضون للتوقيف بسبب قراراتهم الخاطئة فمن يوقف تعسف مسيري الجامعة. إذا كانت الأمور في الجامعة ستأخذ هذا المنحى الخطير، وإذا كانت الهواتف مازالت تتحرك لإفساد اللعبة، وإذا كان رئيس للجامعة يرتعد لأن فريقا كالفتح محسوب على جهة نافذة في البلاد يحتج، فليسمح لنا أن نقول له ما هكذا تورد الإبل.