اعتاد محمد بنعلي، 34 سنة، أن يقطع كل يوم مسافة 44 كيلومترا للتنقل إلى «أوفوس» قادما من الثانوية التي يدرس بها في إقليمالراشيدية. بعد أن حصل على شهادة الإجازة في اللغة الفرنسية بجامعة العلوم الإنسانية بظهر المهراز بفاس سنة 1997، شد ابن فاس الرحال إلى مدينة مكناس لاجتياز امتحان مدرسة الأساتذة، ونجح في الاختبار وتحقق حلمه في أن يصبح أستاذا للتعليم الثانوي. بعد تعيينه للعمل في إقليمالراشيدية، استفاد بنعلي من دورات تدريبية بيداغوجية في بلجيكا والمعهد الفرنسي بكل من فاسومكناس. لم يكن طموح العمل الصحفي داخل الثانوية يستهويه، لكن سرعان ما غير رأيه: «أبدى التلاميذ حماسهم لإشرافي على تأطير إدارة تحرير صحيفة التلميذ التي يشرفون على إصدارها، ولم أتردد في قبول التحدي»، يردد بنعلي. يقبل تلاميذ الثانويات في الراشدية والمناطق المحيطة بها على قراءة مجلة «التلميذ»، ويتزايد الطلب عليها سنة بعد أخرى، ولا يتوانى تلاميذ ثانوية الحسن الأول في طرح مواضيع جديدة في كل عدد، ويناقشون بجرأة أكبر، تحت إشراف بنعلي. اختار التلاميذ الصحفيون الشباب لغة موليير للتعبير عن أفكارهم وقضاياهم، وتغلبوا على العوائق المادية في الطباعة وحصلوا على جوائز أفضل جريدة مدرسية في المغرب سنتي 2005 و2009. أطفأت المجلة شمعتها الثامنة وهي تكبر بهدوء وثقة، وكل سنة، يبدع التلاميذ في تغيير أغلفة المجلة وصفحاتها الداخلية، ويظل هدفها أن تكون فضاء تعبير التلاميذ والمجلة التي يفضل تلاميذ الثانويات متابعة أعدادها بشغف.. تركز اهتمام التلاميذ على المواضيع التي يعايشونها يوميا في الجنوب، إلى جانب العنف في المدارس وانتشار المخدرات بين صفوف التلاميذ. يضم كل عدد 16 صفحة من الحجم الكبير، «عندما تسنح لهم الفرصة للتعبير عن أفكارهم، لا يتوانى التلاميذ في المشاركة بحماس أثناء الحصص والبرامج الدراسية، وعندما نساعدهم في إبراز طاقاتهم، فهم يبدعون في الكتابة أكثر»، يقول بنعلي. كانت البداية سنة 2001 بنسخة مكتوبة بخط اليد، واستقبل التلاميذ بفضول أول مشروع صحفي. وبعد أربع سنوات، تطورت المضامين بشكل متنوع، لتفوز الصحيفة سنة 2005 بجائزة أفضل مجلة مدرسية أثناء الزيارة التي قامت بها بعثة فالونيا البلجيكية للثانوية، كما فازت بجائزة أفضل مجلة في المؤسسات التعليمية في المغرب في نفس العام. انتقل حماس العمل الصحفي إلى زوجة بنعلي، التي لم تتردد في أن تخطو خطوة صحفية مغايرة، يقول بنعلي: «تشرف زوجتي أيضا والتي تدرس اللغة الإنجليزية، على إصدار صحيفة «حديقة التلمي»لتشجيع التلاميذ على الكتابة باللغة الانجليزية في مختلف المواضيع».