لفتيت: تنامي استعمال التطبيقات الهاتفية يفرض إعادة تنظيم سيارات الأجرة    توقيع اتفاقية شراكة وتعاون للحفاظ على «الذاكرة القضائية للمملكة»    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع ارتفاع طفيف    نبض بألوان الهوية المغربية والإفريقية: عرس كروي رفيع المستوى في افتتاح الكان    الركراكي يستدعي بلعمري لتعويض سايس    وزير الداخلية: مخطط "مكافحة البرد" يستهدف 2018 دوارا ويهم حوالي 833 ألف نسمة    تصنيف فيفا .. المغرب يحافظ على المركز 11 عالميا    اللّغة في بعدها الجماليّ والدّلاليّ في رواية "أعشقني" للدّكتورة سناء الشّعلان    ختام السنة برياض السلطان تروبادور غيواني بادخ    الركراكي: "لست قلقاً من غياب حكيمي..والبدائل جاهزة لسدّ الفراغ"    تقرير: الاقتصاد المغربي يدخل مسار تعاف متدرج مع توقع تسارع النمو إلى 5.5% بحلول 2027    يومية "آس" الرياضية الإسبانية: براهيم دياز.. قائد جديد لجيل واعد    حسام حسن يشيد بالإمكانيات الرائعة للمغرب ويؤكد أن منتخب مصر سيعمل على الفوز باللقب القاري    نشرة إنذارية من مستوى يقظة "برتقالي"    مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    حموشي يصرف منحة لموظفي الأمن    انتقادات حقوقية لتراجع تصنيف المغرب في تنظيم الأدوية واللقاحات    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    أزيلال .. القوات المسلحة الملكية تطلق خدمات المستشفى العسكري الميداني بجماعة آيت محمد    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك        المغرب يضع "الكان" في الصدارة عالميًا    رغم انخفاضها عالميا.. المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع والمستهلك يدفع الثمن    بنكيران: "البيجيدي" استعاد عافيته ويتصدر المشهد.. ولم يبق إلا تثبيت النصر    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    العزيز: مشروع قانون التعليم العالي سيحول الجامعة إلى "بنية إدارية محكومة بمنطق السوق"    ارتفاع أسعار النفط    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    كيوسك الإثنين | مطارات المملكة تحطم كل الأرقام عشية انطلاق كأس إفريقيا    الدار البيضاء.. مرصد يحذر من مخاطر "مغاسل الميكا" على صحة المواطنين    جريمة قتل مروعة تهز منطقة بني يخلف نواحي المحمدية    انقلاب حافلة يودي بأرواح 16 شخصا في جزيرة إندونيسية    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات اسفي إلى 40 واطلاق برنامج ملكي لاعادة التاهيل    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    اغتيال جنرال روسي في انفجار قنبلة    الركراكي: المباراة عرفت توترا كبيرا خاصة في الشوط الأول بسبب تضييع ضربة الجزاء وخروج سايس مصابا لكننا حققنا المهم    الجديدة تستضيف الدورة الأولى للمؤتمر الدولي حول الفيزياء الكمية والابتكار الطاقي    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    أدب ومحاكمة ورحيل    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي مستقبل.. وأية آفاق للنقد الثقافي في المغرب؟
متى نتخلص من «الجزيرة الفرنسية المغلقة» وننفتح على مرجعيات أخرى؟
نشر في المساء يوم 15 - 10 - 2014


محمد بوعزة
يبدو لافتا ومفهوما أن يتمّ تخصيص ملف للنقد الثقافي بالمغرب دلالة على الأهمية البالغة لهذا النقد الذي يبدو الأكثر قربا والأكثر التصاقا بالمرحلة التي تستوعبنا، لاسيما من ناحية مركزية الثقافة في طرائق التفكير مثلما في طرائق العيش ومن خلال البحث في الأنساق التي تقف وراء هذا "التمفصل". المفارقة أن هذا النقد غير حاضر في النقد بالمغرب، بل إن هذا النقد يظهر غير مكترث به. ولذلك بدا لنا، في الملحق الثقافي لجريدة "المساء"، أن نتوجَّه بالسؤال، المتعلق ب"سياقات التداول وعوائق الانتشار"، إلى أسماء محدّدة ذات صلة بالنقد الثقافي في منحاه العام والمرن، بل في منحاه الأكاديمي في أحيان. بالإضافة إلى تعزيز الملف بمقالين مستقلين يصبان في الموضوع مباشرة من خلال البحث في "سياسة النقد الثقافي" ومن خلال البحث في تاريخية الأدب والمجتمع. غير أن التزامنا، هنا، بملف النقد الثقافي بالمغرب، لم يحل دون النظر إلى النقد المغربي في تجلياته وإسهاماته الأخرى؛ الدّالة والأساسية. وفي هذا الإطار يمكن استيعاب ورقة الناقد الجاد الأستاذ نور الدين صدوق بحسها الجامع وبملاحظاتها المتماسكة، وإن كانت أكثرا استحضارا للجنس الروائي ومن منظور التباس النقد ككل بالثقافة والمجتمع. وكذلك تضمن الملف حوارا مع الباحث الأكاديمي مصطفى الورياغلي حول مبحث الصورة الروائية في النقد المعاصر بالمغرب، وهو مبحث لم يسلط عليه الضوء بالمغرب مع أنه مفيد على مستوى التنوع الذي ينبغي الحفاظ عليه في التجربة النقدية بالمغرب.
عندما فكرت في بي المساهمة في ملف عن راهن النقد بالمغرب، من مدخل السؤال الإشكالي: «ما السبب في عدم انتشار النقد الثقافي بالمغرب؟» طفت إلى ذاكرتي خيبة الأمل التي عبر عنها إدوارد سعيد في مقدمة «الثقافة والإمبريالية»، متسائلا عن الأثر المحدود لكتابه «الاستشراق» في الفكر العربي، خاصة أن هذا الكتاب يعتبر من المراجع التأسيسية في النقد الثقافي: لماذا ساعد الاستشراق في باكستان والهند وإفريقيا واليابان وأمريكا اللاتينية وأوربا والولايات المتحدة على تأسيس العديد من استراتجيات الاستنطاق والتفكيك لبنيات القوة، وحركات مراجعة وإعادة تأويل للتاريخ والثقافة والتراث، فيما ظل تأثيره في العالم العربي محدودا؟
وأعتقد أن الوضع لم يتغير بالصورة الجذرية التي تجعل هذا التأثير مؤسسا ومنتجا، لأن راهن النقد بالمغرب مازال - في معظمه- أدبيا لم تغادر الجماليات الرومانسية لاوعيه النقدي، ولم يتجاوز تفاعله مع النقد الثقافي المستوى الإجرائي، الذي يتمثل في استعارة بعض مفاهيمه وتوظيفها في سياق التحليل الإستطيقي، ولم يستطع أن يقتحم المناطق الخطرة للنقد الثقافي، مثلما نجد في «الاستشراق» و«الثقافة والإمبريالية»، وفي تحليل الخطاب في سياقات الهيمنة والمقاومة والإيديولوجيا، واستعمالات الثقافة في صراع القوة، وفي إعادة كتابة تواريخنا الثقافية والسياسية من منظور السرديات البديلة، والتحليل الدقيق لاستراتجيات السلطة. ولذلك، لم يستطع النقد المغربي (والعربي) مثلا أن يطور مدرسة في النقد الثقافي، مثلما حدث في الهند، في العمل الجماعي والمؤسس القائم على إعادة قراءة الثقافة الهندية والآسيوية في جماعة (دراسات التابع)، أو في جنوب آسيا في المشاريع التاريخية التي تقوم بها نشرة الباحثين الآسيويين المعنيين.
وفي السنة الماضية شاركت في ندوة عربية بجامعة مغربية، حول النقد الثقافي، حضرها نقاد متخصصون، وفوجئت في النقاش بأن البعض ما زال يتساءل حول شرعية النقد الثقافي، هل يمكن الحديث عنه كخطاب نقدي؟ على اعتبار أنه ممارسة متعددة ومتداخلة، ليست لها مرجعية نسقية، مثلما نجد مثلا في المنهج البنيوي. هذا الخطاب المتشكك يعكس بأن «العقل النقدي» في المغرب ما زال مستغرقا في الحلقة البنيوية. وهذا يكشف عن بعض أسباب عدم انتشار النقد الثقافي عندنا، من بينها أن قبلة النقد المغربي ظلت على الدوام منذ انفتاح الجامعة على النقد الجديد في الستينيات، هي الوجهة الفرنسية، لأسباب تاريخية وتعليمية ولغوية، وهذا ما جعل اتجاه المثاقفة أحاديا مرتهنا إلى النقد الفرنسي، وغابت المرجعيات الأخرى، لا سيما الأنجلوساكسونية. كما يمكن إرجاع هذا الانحسار إلى الطبيعة المعقدة للنقد الثقافي. فهو خطاب نقدي فكري، يجمع بين المعرفة التخصصية لحقل النقد (النظريات الأدبية)، والخطاب الفكري الذي ينتج في سياق العلوم الاجتماعية والإيديولوجية والفلسفية والسياسية. ولذلك يستخدم ممارسو النقد الثقافي استعارة المظلة umberlla للتعبير عن الممارسة النقدية الثقافية التي تغطي مجالات مختلفة تعمل في الآن نفسه تحت مظلة النقد الثقافي. كما أن تصور النقد عندنا ل«النظرية» ما زال مثاليا مستلبا بوهم «النسقية» الخالصة، متوهما تحليقها خارج التاريخانية. ولذلك يظل موضوع «سياسات النظرية» خارج الوعي النقدي السائد، والذي يعني أن أي نظرية مهما ادعت أنها نظرية أدبية خالصة، فهي تستبطن تحيزات إيديولوجية مضمرة أو معلنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.