لكل منطقة داخل المملكة المغربية خصوصيتها في المأكل والمشرب وحتى في الملبس، والاختلاف هو الذي يميز كل جهة عن الأخرى، ففي المنطقة الجنوبية، مثلا، عدة خصوصيات تغطي مناحي الحياة كلها، الإنسانية منها والاجتماعية والثقافية، وحري بالذكر أن مجتمع الصحراء هو مجتمع إيحاءات ورموز وتعبيرات ثقافية تشكل وثيقة تاريخية واجتماعية تعكس المخيال الجماعي للقبائل الصحراوية. وذلك ما سنسلط عليه الضوء من خلال «رمال ذهبية» حيث الموروث الثقافي بخصوصيته التي تميز أهله عن باقي ربوع المملكة. هم أهل الصحراء المغربية، حيث الملحفة ورقصة الكدرة والشاي والشعر الحساني تعد «الملحفة» الخاصة بالنساء و»الدراعة» بالنسبة للرجال، من الألبسة التقليدية التي يزخر بها المغرب عموما، والمنطقة الصحراوية على وجه الخصوص. الملحفة الملحفة عبارة عن قطعة ثوب طولها نحو 4 أمتار، وهي ملونة بألوان مزركشة وترتديها المرأة في مختلف فصول السنة، وتحرص على ارتدائها كقيمة من القيم التي تتشبث بها بنات المنطقة الجنوبية الصحراوية، ورمز من رموز الثقافة التي توارثها الصحراويون جيلا عن جيل على مدى قرون من الزمن. الجمال والأناقة وإلى جانب أنها شكل من أشكال اللباس، فإن «الملحفة» تعد رمزا من رموز الجمال والأناقة الأنثوية للمرأة الصحراوية أيا كان انتماؤها القروي أو الحضري أو مستواها التعليمي ومكانتها الاجتماعية، والملحفة حاضرة بين نساء الصحراء بمختلف الأعمار والانتماءات الطبقية. ثمن «الملحفة» أما ثمن «الملحفة» فيتباين حسب أنواعها وجودة ثوبها، وعملياً، وحسب ما هو متعارف عليه بين النساء الصحراويات اللواتي يرتدين الملحفة، فإن هناك أنواعا كثيرة تتجاوز العشرين نوعا، لكن يمكن إجمالها في ملحفات منخفضة الثمن مثل «ملحفة كاز» التي يتراوح ثمنها بين 50 و150 درهما، و»ملحفة كنيبة» التي يمكن أن يصل ثمنها إلى نحو 300 درهم. أما «ملحفة بيرسي» فيقدر ثمنها بين 250 و300 درهم، إلى جانب ملحفات ذات جودة عالية يمكن أن يتعدى ثمنها 40 ألف درهم، وهي مستوردة من الإمارات العربية المتحدة أو من موريتانيا أو من الهند. وبالنسبة إلى ملحفات المناسبات، فهي عديدة لكن أشهرها «ملحفة الشكة» التي تتميز بثوبها الرقيق و»ملحفة الصواري» و»ملحفة القصيري» ذات الجودة العالية، فيبدأ ثمنها من مبلغ 500 درهم، ويمكن أن يصل إلى 1000 درهم. وقد يتعدى سعر هذه الملحفات مبلغ 5000 درهم، إذا كانت محاكة من مادة الحرير الخالص، وتحرص النساء الصحراويات المنتميات إلى عائلات برجوازية على التألق في المناسبات (الأعراس والسهرات) بارتداء ملحفات من المستوى الجيد، لكن ثمة أنواع أملتها الموضة كملاحف «حريم السلطان» و»ملاحف الملكة» وغيرها. ومن بين تقاليد سكان الصحراء، وبالتحديد النساء، الاعتناء بالبشرة وبالجمال، إذ تخصص ملحفات تسمى «ملحفة النيلة»، وهي التي تستعمل خصيصاً للوقاية من أشعة الشمس لأنها تطلق لوناً أزرق داكناً على الجسم، الغرض منه تفتيح البشرة، وتلجأ النساء الصحراويات إلى هذه الملحفة بين الفينة والأخرى حفاظاً على جمال البشرة. عموما، يمكن القول إن المرأة الصحراوية تحرص كل الحرص على أن تظل وفية لملحفتها الجميلة والبسيطة، لأنها لا تخضع لخياطة، بل فقط تقتصر على وضع عقدتين في الأعلى تمكن صاحبتها من إخراج رأسها ولف يديها. ويمكن القول بأن الملحفة ليست مجرد قطعة قماش بألوانها الأنثوية، بقدر ما أنها ترمز إلى نوع من السمو والحشمة التي تعرف بها المرأة الصحراوية.