وضع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حدا لحالة الفوضى التي تعرفها عدة مؤسسات عمومية في تدبير ميزانية التسيير الخاصة بها، حيث ينكب مسؤولو الوزارات على إعداد الميزانيات القطاعية بمعايير صارمة تهدف إلى تقليص ميزانية التسيير العادي للإدارة إلى الحد الأدنى. وفيما كشفت مصادر من داخل عدد من القطاعات الحكومية أنه ينتظر أن يتم وضع ميزانياتها خلال أيام، بعدما تم التخلي عن بعض النفقات «غير الضرورية»، وتقليص عدد من المصاريف إلى الأدنى، كما هو الشأن بالنسبة لميزانية السفريات، فإن مصادر مسؤولة قالت ل»المساء» إن الاتجاه العام في مشروع قانون المالية المقبل هو مزيد من تقليص وترشيد هذه النفقات «بما يمكن من استثمارها في مجالات أخرى». وسيعرف الجانب المتعلق بالسفريات نوعا من الترشيد، حيث طالب رئيس الحكومة بمواصلة عقلنة المهام بالخارج، وحصر مصاريفها في الحد الأدنى، لما يضمن التمثيل الرسمي لبلادنا في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية، والاقتصاد في نفقات النقل المرتبطة بهذه المهام. وسيتم إخضاع عمليات اقتناء وكراء السيارات للترخيص المسبق لرئيس الحكومة، بناء على رأي لجنة مكونة من ممثلي رئيس الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية والقطاع، إضافة إلى مواصلة الالتزام بتقليص النفقات المتعلقة بالبنايات والمساكن والكراءات الإدارية. إجراءات «التقشف» سيعرفها أيضا استهلاك الماء والكهرباء، حيث دعا رئيس الحكومة إلى الانخراط في تفعيل برنامج النجاعة الطاقية واستعمال الطاقات البديلة وضبط استهلاك الماء والكهرباء بالإدارات والمؤسسات العمومية، وتعميم استعمال المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض وتجنب ري المساحات الخضراء بالماء الصالح للشرب. وأمر بنكيران بضبط نفقات السير العادي للإدارة، وحصرها في الحد الأدنى، من خلال التقيد بمبدأ الاستغلال المشترك والمتضامن بين القطاعات للإمكانيات المتوفرة، مع تفعيل آلية تكتل المشتريات التي نص عليها المرسوم الجديد للصفقات. وبخصوص ميزانية الاستثمار، دعت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية، إلى ضرورة الالتزام بتسريع وتيرة إنجاز ميزانية الاستثمار بتعاون مع المصالح المختصة بوزارة الاقتصاد والمالية، مع إعطاء الأولوية من جهة لتصفية الاعتمادات المرتبطة بالمشاريع التي توجد في طور الإنجاز، ومن جهة أخرى للمشاريع موضوع اتفاقات موقعة وطنيا ودوليا، في أفق تفعيل مقتضيات مشروع القانون التنظيمي للمالية بتحديد سقف الاعتمادات. كما أكدت على الحرص على ترشيد النفقات المتعلقة بالدراسات وربطها بالأهداف والنتائج المتوخاة منها، والحرص على تفعيل وتثمين الدراسات المنجزة والاستفادة المتبادلة بين مختلف القطاعات في المجالات ذات التدخل المشترك، وإخضاعها للترخيص المسبق لرئيس الحكومة. وشددت المذكرة التوجيهية على مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، وفق منظور ينبني على تعبئة ناجعة للموارد العمومية المتاحة، والتي تم ويتم توفيرها بفضل الإصلاحات والإجراءات المتخذة للتحكم في عجز الميزانية، وتوجيهها خصوصا نحو الاستثمار المنتج لتأهيل البنيات التحتية الأساسية والتجهيزات الكبرى وتثمينها. وسيتم، في الشق الخاص بالإصلاح الضريبي، إدماج القطاع غير المهيكل والتقليص من الإعفاءات الضريبية غير المجدية اقتصاديات واجتماعيا، وإصلاح منظومة الضريبة على القيمة المضافة، خاصة عبر الإقرار التدريجي لسعرين ومواصلة إرجاع دين هذه الضريبة لفائدة المقاولات المستحقة، والتركيز على محاربة الغش والتملص الضريبيين.