أعاد المنشور الذي وجهه رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، إلى جميع الوزراء، ويلح فيه على ضرورة اعتماد ميزانية «تقشفية» للبلاد خلال العام المقبل، الجدلَ حول توجهات الحكومة الحالية ومدى قدرتها على ضبط التوازنات المالية للبلاد دون الخضوع المبالغ فيه لإملاءات صندوق النقد الدولي. إن توجيهات رئيس الحكومة إلى وزرائه -المتمثلة بالخصوص في عنصرين اثنين يشدد على أخذهما بعين الاعتبار في اقتراح ميزانيات الوزارات، وهما «مواصلة ضبط نفقات السير العادي للإدارة وحصرها في الحد الأدنى الضروري»، و»ترشيد نفقات الاستثمار وربطها بقدرة الإنجاز وتحقيق النتائج»- أمر بالغ الخطورة. وتبقى دعوة رئيس الحكومة إلى التقشف في نفقات التسيير أمرا مقبولا، غير أن دعوته إلى التقشف في نفقات الاستثمار أمر ستكون له عواقب وخيمة على المغاربة، لأن تقليص نفقات الاستثمار يعني بالضرورة التقليص من الاستثمارات العمومية في المجالات الكبرى الحيوية بالنسبة إلى المغاربة، كالصحة والتعليم والطرق وغيرها، وهو ما يعني تراجعا كبيرا في هذه الخدمات التي تعاني أصلا من حالة تراجع غير مسبوقة منذ سنوات. إن ما تقوم به الحكومة الحالية، من لجوء غير مبرر إلى القروض والخضوع غير المباشر لإملاءات صندوق النقد الدولي من خلال الدعوة إلى التقشف في نفقات الاستثمار ورفع الدولة يدها عن كثير من القطاعات الأساسية، يجعل المغرب يخسر الرصيد الذي راكمه بعد تداركه للنقائص والاختلالات التي طبعت العشرية الماضية ويعيدنا إلى نقطة الصف