سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوزاني: جدي كان هو من استقدم محمد الخامس من السجن بعد أن أصبح ملكا قال إنه ينتمي لأسرة مخزنية ووطنية فجده كان مستشارا لمولاي يوسف وخاله هو عبد السلام الوزاني
يحكي مصطفى الشاهدي الوزاني، المعتقل السياسي السابق، عن بداية مشوار حياته كمقاوم، وكيف تحول من عميد شرطة مكلف بالمواصلات اللاسكلية إلى مدرس للغة العربية لدى البعثة الفرنسية. يعتبر الوزاني الجنرال أوفقير عدوه اللدود وسبب كل محنه التي عاشها بعد اختطافه واحتجازه بدار المقري إلى جانب الصحافي المصري السابق سعد زغلول وزوجة شيخ العرب، ليفر إلى فرنسا ويحمل صفة لاجئ حيث عمل هناك كصحافي وخبير في شؤون الهجرة ومستشار إعلامي بدواوين وزراء فرنسيين. يحكي المعتقل السياسي السابق عن الطريقة التي حصل بها على جواز سفر مزور من أجل الفرار من المغرب في اتجاه إسبانيا، حيث التحق بالمعارضين بفرنسا بمساعدة الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي. في هذا الحوار المطول يروي مصطفى الشاهدي الوزاني قصة اتهامه بالضلوع في ملف الطائرة المصرية المشاركة في حرب الرمال، التي سقطت في قبضة الجيش المغربي وتم اعتقال الضباط السامين الذين كانوا على متنها ومنهم الرئيس المصري السابق حسني مبارك. خلال إقامته بفرنسا التقى عددا من رؤساء الدول، منهم صدام حسين ومعمر القذافي، كما كان ضمن خلية التفكير الخاصة بالكتب التي ألفها صديقه مومن الديوري المعارض الشرس لنظام الحسن الثاني. كتب عن الوزاني المحامي الفرنسي الشهير موريس بوتان في كتابه الذي يحمل عنوان «الحسن الثاني، دي غول وبن بركة: ما أعرفه عنهم»، حيث ذكره كأحد المختطفين الذين أجرى محاولات بشأنهم من أجل إطلاق سراحهم عندما كانوا محتجزين بدار المقري. - متى ولد مصطفى الشاهدي الوزاني؟ وكيف كانت نشأته؟ ولدت في شهر أكتوبر من سنة 1939 في منزل من أكبر منازل فاس، والذي أهداه الوزير الجامعي لجدي المرحوم امحمد الوزاني الشاهدي المعروف ببوشنافة والذي كان قد كلف بجمع ما يسمى ب«الترتيب» أي الضرائب، وكان من ذوي النفوذ أمثال القايد العيادي وعبابو (الأول) والمنبهي والكلاوي. أما جدي من جهة الأم، إبراهيم بن عبد السلام الوزاني، فإنه كان مشرفا على إحدى معاقل الحركة الوطنية في بداية الأربعينيات. - إذن، ترعرعت في منزل له علاقة بالمخزن نعم، لقد كان جدي عضوا في ما يسمى بمجلس العرش، وكان إلى جانب الشخصيات التي ذكرت، والذين كانوا وراء إقصاء مولاي إدريس الذي كان وليا للعهد بعدما توفي والده مولاي يوسف وقاموا باستبداله بمحمد الخامس الذي كان عمره لا يتعدى 16 سنة، والذي كان محبوسا آنذاك في جناح في القصر الملكي بأمر من أبيه ومحكوما عليه بسنتين سجنا لأمر ما، كما حكي لي، وطلب من الزاوية الوزانية (دار الضمانة) أن يتكلف بمهمة تنصيب الملك الصغير آنذاك عوض مولاي إدريس وكان جدي هو المكلف بهذه المهمة حيث ذهب إلى القصر وأخرج محمد الخامس من المكان المحبوس فيه وقام بكل الإجراءات ليصبح ملكا، وهو الذي أركبه حسب العادة على جواده وأعلنه مع الجماعة ملكا. وللذكرى تدخل الكلاوي وقال للفرنسيين «طيب فضلنا محمد الخامس وسوف ننصبه ملكا، ولكن حسب القضاة والشرع لا بد أن يكون متزوجا ليعلن ملكا»، فقال الكلاوي «إن الزوجة موجودة» وأصدر أوامره لتحضر من مراكش «للا عبلة» فتزوجها قبل أن يعلن ملكا. - هل هذا يعني أن جدك كان متعاونا مع فرنسا؟ للتوضيح، فجدي بوشنافة كان مقدما للزاوية الوزانية وكان واليا على جهة فاس وتازة والنواحي، ومن مستشاري الملك مولاي يوسف، كما كان من مهدئي الحركات التمردية وكان له حرس خاص في منزله وكان يعتبر في عهد الحماية من مستشاري المقيم العام الفرنسي وهذا مذكور في كتاب اليوطي، لذلك كان بيتنا مقصد كثير من الشخصيات المغربية وغير ها من زعماء القبائل خاصة الشمال، غير أنه في الوقت ذاته كانت لجدي علاقة بالمقاومة، لذلك فإن هناك تمثالا له من الشموع بمتحف «كريفان» كتب عليه «محمد بوشنافة الوزاني صديق فرنسا عدو فرنسا»، لأنه كان يعتبر من مستشاري المقيم العام ومن أعوانه في تهدئة ثورات القبائل، غير أنه في الوقت ذاته كانت له علاقة بعبد الكريم الريفي (الخطابي)، وهذا ما جعل فرنسا تنتزع منه الكثير من أملاكه. ولابد من الإشارة إلى أن جدي بوشنافة سبق أن استقبل باي تونس أحمد باشا بمنزله بفاس، وهو الباي السابع عشر الذي حكم تونس، وبعث برسالة إلى جدي يشيد فيها بحسن ضيافته كما منحه وساما، حسب رسالة تعود لسنة .1929 - تحمل صفة مقاوم ما هي العوامل التي ساعدتك على ذلك؟ لقد كان منزلنا، الذي تبلغ مساحته حوالي ألف متر، قبلة لعدد من القبائل والشخصيات، في هذا البيت ترعرعت وكانت لدينا اتصالات مع الفرنسيين، على اعتبار أن جدي له سلطة، والوطنيين عن طريق خالي عبد السلام الوزاني الذي كان قد جاء من تونس بعدما تخرج من جامع الزيتونة، وهو كذلك خريج جامع القرويين وهو الذي ألقى من على المنبر الخطاب المندد بالظهير البربري وألقي عليه القبض وعذب عن طريق الجلد وحكم عليه بالسجن النافذ لمدة سنتين وتم نفيه إلى مدينة وجدة حيث أسس مدرسة وطنية هناك. ولابد من الإشارة إلى أن خالي الذي ألقي عليه القبض كان هو سبب تعارف علال الفاسي وبلحسن الوزاني، فخالي كان يقدم دروسا إضافية لابنة الفاسي التي تدعى ليلى، وبعد الصراع الذي وقع بين الفاسي وبلحسن الوزاني أصبحت عائلتنا منقسمة، إذن فعائلتي هي من جهة مخزنية ومن جهة أخرى وطنية. ولا ننسى أن بعض أفراد أسرتي كانوا ينتمون لليسار المتطرف، ومنهم ابن عمي، واسمه أيضا عبد السلام الوزاني، وكان ينتمي للحزب الشيوعي وكان يعقد اجتماعات بمنزلنا ومن أصدقائه عبد الله العياشي وعلي يعتة، هذا الأخير كان حينها في سن والدي ولم تكن لي به علاقة وطيدة غير أنه خلال وجودي بفرنسا جاء يبحث عني والتقيته عدة مرات بالحي اللاتيني. عموما هكذا نشأت في منزل متعدد ومتنوع من حيث الانتماءات السياسية والولاءات، ومنذ طفولتي كان لدي انتماء للحركة الكشفية وعن طريقها التقيت عددا من المقاومين. - كيف كانت برامج الكشفية حينها؟ كان للكشفية دور آنذاك حيث كنا نتدرب على الصبر والنضال والتعود على طرق المقاومة. ومن الشخصيات التي نشأت في الكشفية إبراهيم الوزاني الشاهدي الذي صار بعد ذلك مديرا لقسم البرامج بالإذاعة ورئيسا لفرقة التمثيل، وكذلك الكولونيل الوزاني الذي اقترن اسمه بضريح محمد الخامس والكولونيل بلحاج الذي كان يشغل منصب مدير الأكاديمية العسكرية وغيرهم.