عاد الهاجس الأمني ليسيطر على عدد من الأحياء بمدينة سلا نتيجة تزايد حوادث السرقة بالعنف، وتخريب الممتلكات، وترويع السكان بالأسلحة البيضاء بشكل خلق حالة من الرعب والهلع في صفوف قاطني المدينة المليونية. وسجلت الأسابيع الماضية تزايدا ملحوظا في نسبة العمليات الإجرامية التي توزعت على مختلف أرجاء المدينة، دون أن يقابلها أي تحرك من طرف المصالح الأمنية التي تكتفي بين الفينة والأخرى، بتسيير دوريات بعد فوات الأوان، علما أن بعضها أصبح منشغلا بحملات لبعض المقاهي المخصصة لاستهلاك وترويج المخدرات، أو زيارة محلات الشيشة قبل الانصراف دون اتخاذ أي إجراء. وتحول سرد حكايات ضحايا السرقة بالعنف، والتهديد بالمديات والسيوف، إلى عرف يومي لدى سكان المدينة التي أصبحت تحظى بشهرة سيئة على الصعيد الوطني من الناحية الأمنية، نتيجة الارتفاع المطرد للجريمة، وبشاعة الأفعال الجرمية التي ترتكب من طرف عشرات العناصر المنحرفة المعروفة بسلوكها العدواني، وبسجلها الإجرامي، علما أن بعض هذه العناصر كانت محط شكايات متعددة من طرف بعض السكان دون أن تطالها يد الأمن، فيما سجل في حالات أخرى اعتقال بعض العناصر قبل أن تجد طريقها للحرية وقتا قصيرا بعد ذلك، وسط علامات استفهام كثيرة. وشهد حي تابريكت، الأسبوع الماضي، سلسلة من العمليات الإجرامية التي طالت مجموعة من الضحايا والتجار والباعة الذين أصبحوا يتعرضون لابتزاز فتوات لا يترددون في التنكيل بهم في حال عدم الدفع، كما شهدت أحياء الانبعاث بدورها وشماعو وسعيد حجي سلسلة من العمليات الإجرامية التي نفذت من طرف عناصر منحرفة معروفة بالمنطقة دون أن يتم اعتقالها. وعبر عدد من السكان عن سخطهم الشديد لحالة الغياب الأمني في ظل الانفلات الموجود، وهو ما جعل بعض العناصر الإجرامية تتمادى في سلوكها، وتقوم بترويع المواطنين في واضحة النهار، كما حدث بحي الانبعاث وسيدي موسى وهي الأحياء التي تعرف كثافة سكانية عالية لا توازيها تغطية أمنية مناسبة، ما يجعلها تعيش يوميا على وقع أعمال إجرامية تتخذ في بعض الأحيان طابع الخطورة. وفي هذا الصدد، أكد عدد من سكان حي القرية أنهم جربوا في أكثر من مرة الاستنجاد بالأمن للتصدي لبعض المجرمين والمنحرفين دون جدوى، وهو ما خلف حالة استياء شديد، وقال أحد سكان الحي إن "سبع أيام ديال الباكور" التي رافقت الحملة على "التشرميل" انتهت، وعاد الوضع أسوأ مما كان عليه"، مضيفا بأن السكان أصبحوا يؤمنون بأنه لا فائدة من استدعاء الأمن، أو التقدم ببلاغ حتى لو تم التعرف على هوية مرتكبي الجرائم. ودفع الوضع الأمني المتردي عددا من الفعاليات الجمعوية إلى التنسيق فيما بينها من أجل اتخاذ سلسلة من الخطوات للضغط على المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية، للمسارعة باتخاذ تدابير من شأنها إعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة الإحساس بالأمان للمواطنين، خاصة أن الخوف من التعرض لاعتداء من طرف عناصر إجرامية لم يعد محصورا على حي بعينه، بل أصبحت الجريمة قاسما مشتركا بين جميع أحياء مدينة سلا.