الغازات عنصر طبيعي ومهم في الجسم، تعاني منها جل السيدات، وتسبب انتفاخ البطن، الذي يشوه قوام المرأة والرجل على حد السواء، وتواجد الغازات في البطن لا يتسبب في ظهور آلام حادة فقط، بل يعرض المرأة لمواقف غاية في الإحراج . الدكتور «رشيد جورجيو»، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي والبواسير، وخريج كلية الطب بليون بفرنسا، لإلقاء الضوء على ماهية الغازات وأسبابها وانعكاساتها، وسبل التخلص منها. ما هو مصدر الغازات وأين تتكون؟ < الغازات مكون طبيعي في الجسم، تتواجد عند الإنسان العادي بنسب مهمة في القولون، وهي تساعد على حركة الأمعاء المستمرة لهضم الطعام، ولها مصدران: الأول مباشر، وهو الهواء الذي يتسرب مع الأكل داخل الجهاز الهضمي، وذلك عند مضغ الطعام بسرعة، أو المضغ المفرط للعلك. أما مصدرها الثاني، فمرده الى تخمر الأكل في القولون. هذا الأخير يواجه بعض البكتيريا السليمة التي تتواجد بشكل طبيعي في جسم الإنسان، لتهضم الطعام، وبالتالي تطلق غازات داخل القولون. - هل يمكن اعتبار كثرة غازات الجهاز الهضمي مرضا قائما بذاته؟ وكيف يتم تشخيصه؟ < هذا خطأ شائع. فالمشكل ليس في كثرة الغازات، ولكن في سوء توزيعها في الجهاز الهضمي، حيث يشتكي العديد من المرضى من ألم في الجانب الأيمن من البطن أو الأيسر، وهذا يفسر تجمع تلك الغازات في ذلك الجانب من القولون. والخطأ هو أن سوء توزيع الغازات ليس هو المرض، ولكنه عارض من أعراض مرض يدعى «القولون العصبي»، وهو خلل في وظائف القولون، وهو ليس مرضا وراثيا، كما أن كثرة الغازات أو سوء توزيعها ليس أمرا وراثيا كما هو معروف. ومن أعراض هذا المرض، إضافة إلى الغازات، هناك أوجاع البطن، والإمساك أو الإسهال، أو الذهاب إلى المرحاض بطريقة غير عادية، إضافة إلى انتفاخ البطن. وقد يتسبب في نحافة الجسم، وبالتالي، فالتشخيص يتم أولا عن طريق سؤال المريض، لكي يستطيع الطبيب أن يحدد ما إذا كان المريض يشكو فقط من كثرة الغازات، أو أنه فعلا مصاب بهذا المرض. ثم يتم الفحص السريري للتأكد من سبب انتفاخ البطن، فقد يكون سببه تدفق الماء في البطن، أو انتفاخ في الكبد. وإذا ذكر المريض أن الأعراض مؤقتة فإن الطبيب يطالب بإجراء فحوصات إضافية للتأكد من سلامة المريض من أي مرض عضوي، كسرطان القولون مثلا، خصوصا إذا ذكر المريض أنه فقد كيلوغرامات كثيرة من وزنه في مدة قصيرة، أو أنه يشكو من انقطاع شديد في الشهية. - هل الغازات هي السبب الرئيسي في انتفاخ البطن؟ < نعم، فقد تسبب الغازات انتفاخ البطن، لأنها تتكون في القولون، وقد يظهر خارجيا انتفاخ في مكان تجمعها. لكنها ليست بالضرورة السبب في انتفاخ البطن. فهناك السمنة الزائدة، وسمنة البطن، حيث تتجمع الشحوم في غشاء البطن مسببة انتفاخه. وهناك أيضا ما يسمى بانفتاح جدار البطن، أو في عضلاته، وهو أيضا سبب في ظهور البطن بشكل منتفخ. - كيف يمكن تفادي كثرة الغازات في القولون؟ < يجب أولا إتباع نظام غذائي صحي متوازن. والأكل جالسا وبتأن، وأن يكون الشخص مرتاحا نفسيا عند الأكل، وذلك للحد من تسرب الغازات عن طريق الأكل السريع وغير المتوازن. كما يجب الحد من العادات السامة، التي تعد سببا مهما في زيادة نسبة الغازات على مستوى القولون، مثل التدخين، والإكثار من شرب الكحول، والإقبال على تناول الأطعمة المبخرة أو مسلوقة، لأنها سريعة الهضم، وتجنب الأغذية المقلية أو المشاوي، والابتعاد عن استهلاك الفلفل الحار بشكل مفرط، والكسكس، والحامض، والاعتدال في تناول الخبز الكامل، لأن تخميره يحتاج إلى وقت أكثر من الخبز الأبيض، وبالتالي يجعل بكتيريا القولون تفرز غازات أكثر. كما يجب الحرص على الحركات الرياضية، وبالضبط حركات البطن لأنها تسمح للقولون بالاشتغال بطريقة عادية. وتطرد عنه الخمول الذي يؤدي إلى انتفاخ شديد في البطن، والى الإمساك المزمن. ولا ننسى بهذا الخصوص أهمية الراحة النفسية، ذلك أن الاضطرابات النفسية والقلق تؤثر على الجهاز الهضمي، وعلى القولون بشكل مباشر، مما يؤدي أيضا إلى خموله، وتزايد نسبة الغاز فيه. - هل المرأة أكثر عرضة للإصابة بكثرة الغازات ولأمراض تعصب القولون من الرجل؟ < نعم، يمكن القول أنها أكثر عرضة، وخصوصا بالنسبة لأمراض الجهاز الهضمي الوظيفية، وذلك بسبب الجانب الاجتماعي والتربوي. فبالنسبة للجانب الاجتماعي، معروف أن المرأة تفكر أكثر من الرجل في مشاكل بيتها وأطفالها، إضافة إلى العمل، إذا كانت عاملة. وهذا يؤثر على عمل القولون، حيث أن الجانب النفسي سبب مهم في المرض الوظيفي للقولون. أما بالنسبة للجانب التربوي، فإن ربة البيت، تقوم بأعمال شاقة يمكن اعتبارها رياضة يومية، ويعتدن على الجلوس في البيت لمدة طويلة، وعلى عدم الحركة الكثيرة، وذلك يؤثر على الجهاز الهضمي، وقد ينعكس على عمل القولون وكمية الغازات في البطن.