عرفت محاكمة عبد اللطيف أبدوح، القيادي في حزب الاستقلال، وعدد من المستشارين الجماعيين والمقاولين مشاداة بين ممثل النيابة العامة ودفاع القيادي في حزب «الميزان». ففي الوقت الذي طالب الوكيل العام عصر أول أمس الخميس بمصادرة ممتلكات المتهمين ومنعهم من الحقوق الوطنية كالترشح، اعتبر محمد المجدوبي، دفاع أبدوح، أن مرافعة ممثل النيابة العامة «تصب في اتجاه الخصوم السياسيين لأبدوح، عندما يطالب بحرمانه من الترشح». وأدلى المحامي ببعض المقالات الصحفية، التي تطرقت إلى ملف «كازينو السعدي» وتصريحات ممثل النيابة العامة، واصفا إياها ب«عناوين المعارضة، التي تستهدف حزب الاستقلال وتسعى إلى الإطاحة بأبدوح». واستفزت مرافعة الوكيل العام أعضاء هيئة الدفاع عن أبدوح عندما نوه بموقف الرئيس السابق لمقاطعة المنارة جليز، عدنان بنعبد الله، المرشح آنذاك عن الاتحاد الاشتراكي، قبل أن يصير مسؤولا عن حزب «البام»، الذي رفض تفويت «كازينو السعدي» بمبلغ 2500 درهم. واعتبرت النيابة العامة قرار المجلس، الذي سبق رئاسة أبدوح، تفويت العقار المذكور بأنه موقف يحسب له لأنه «وقف في وجه السلطة»، قبل أن يحمل مسؤولية التفويت لمجلس مقاطعة المنارة جليز، الذي «تبين أن هناك دوافع وإغراءات جعلته يمثل بتهم ثقيلة». المحامي يونس بوسكسو، دفاع أبدوح، قال إن استنتاج الوكيل العام بأن «سرعة تفويت هذا العقار هو الإقبال على انتخابات 2003، وأن المنتخبين كانوا يعتقدون بأنهم سيخسرونها لا محالة» هو دخول إلى دائرة يجب أن تبقى السلطة القضائية في منأى عنها، الأمر الذي رفضه ممثل النيابة العامة، وقال إن ذلك يعني «إقحامنا في المعترك السياسي وتقويلنا ما لم نقله». واعتبر بوسكسو أن الاستماع إلى مصطفى بنمهدي، مسجل الشريط الصوتي، الذي ينقل حوارا بين عدد من المستشارين الجماعيين حول تقاسم مبالغ مالية في حال تفويت الوعاء العقاري للشركة الفرنسية، أمر لا فائدة منه على اعتبار أن المستشار السابق كان مشاركا في «الانقلاب» على أبدوح بعد أن تمت إقالته من المهام، التي كانت موكولة إليه، كما أن الشاهد «يتوفر على موجبات العداوة والخصومة». وأثار المحامي المذكور تفويت عقارات بمبلغ 10 دراهم في شارع محمد السادس دون أن يتم «تحريك ساكن»، في إشارة إلى تفويت عقار لفائدة المهرجان الدولي للسينما. وعرفت الجلسة تخلف المقاول عبد الغني المتسلي بسبب وضعه الصحي، حسب ما أكده دفاعه، لكن إصدار القاضي تعليماته بإحضاره باستعمال القوة العمومية، جعل أحد أقاربه يغادر قاعة المحكمة ليقوم بإحضاره بعد انطلاق جلسة المحاكمة بساعات. وركزت مرافعات بعض دفاع أبدوح على مضمون الشريط الصوتي، الذي يتضمن حوارين، الأول تحين بخصوصه مصطفى بنمهدي «الفرصة» وقام بتسجيل حديث دار بين لحسن أمردو وعبد الرحيم الهواري حول «بَرَكَة» مالية سيستفيدون منها، بخصوص التصويت على عملية التفويت، والحوار الثاني بين أبدوح ومستشارين من الأغلبية المُشكّلة للمجلس، يناهز عددهم 24 شخصا، وهم المصوتون على تفويت الفندق، إلى جانب ثلاثة مستشارين جماعيين. وقد تبين من خلال النقاش، الذي دار بينهم، أنهم يقتسمون أموالا ينفيها جل المتابعين في هذا الملف. واعتبر الدفاع أن الشريط الصوتي «مفبرك»، خصوصا بعد أن تضاربت أقوال المشتكي أوراغ والشاهد بنمهدي، الذي نفى أن يكون سلم أوراغ الشريط، بينما يؤكد الأخير تسلمه منه. وقبل انطلاق جلسة المحاكمة، تظاهر أعضاء من الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أمام محكمة الاستئناف بمراكش للمطالبة بمحاربة الفساد ومحاسبة ناهبي المال العام. ورفع المحتجون شعارات تحذر القضاء من تحريف مسار ملفات الفساد ونهب المال العام. وأوضح طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش طمأن حقوقيي الهيئة بأن ملفات الفساد بالمدينة الحمراء ستعالج وفق القانون، معتبرين ذلك «زرعا للأمل من جديد».