فجرت مينة معاد، رئيسة تحالف التوحد، والعضو بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فضيحة من العيار الثقيل، أبطالها أسر ميسورة تحتجز أبناءها المصابين بإعاقة التوحد، في ظروف لا إنسانية تصل حد تكبيلهم بالسلاسل. وكشفت معاد، على هامش ندوة صحفية نظمت، مساء أول أمس، بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الرباط، بمناسبة إطلاق الحملة الوطنية التواصلية حول التوحد، أن هناك أوساطا متعلمة، ولها وضعية اجتماعية معتبرة، لكنها تحتجز أبناءها في الطابق تحت أرضي، أو في غرف على سطح منازلها، حتى لا يكتشف ضيوف هذه العائلات أن لها أطفالا مصابين بالتوحد. ووقفت المتحدثة ذاتها عند مشهد إساءة المعاملة، وسوء العناية بالمصابين بالتوحد من طرف بعض الأسر، حيث إنها «تقدم لأبنائها الطعام وكأنها تقدمه لحيوانات»، وإن بعضها يتخلص من المصابين بالتوحد بنقله إلى «بويا عمر»، حتى يدفعوا عنهم وصمة العار كما يدعون. وسردت معاد قصة أب مثقف ذي مركز كبير، احتجز ابنه في الطابق تحت أرضي، حيث يتم إطعامه من طرف إحدى الخادمات، لكنه ممنوع من الصعود إلى المنزل. هذا الطفل سيفاجئ الأسرة ذات يوم بسلوك عدواني، حيث صعد إلى المنزل وبدأ في تكسير الأواني بشكل هستيري، وذلك بسبب التهميش وعدم التكفل به على المستوى العلاجي، وحذرت في هذا السياق من غياب سياسة إدماجية لهذه الفئة التي بإمكانها أن تعيش بشكل طبيعي إذا توفرت لها الإمكانيات. معاناة المصابين بإعاقة التوحد لا تقف عند هذا الحد، بل إن اعتقاد بعض الأسر بكون الابن المصاب بالتوحد يعاني من المس، يدفعها إلى اللجوء إلى خدمات بعض المشعوذين، الذين يزيدون في معاناة المصابين بالتوحد. من جهته، أكد ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن التوحد يعرف انتشارا عالميا ولا يقتصر على مجتمع معين، غير أن آثاره السلبية على حياة الأفراد تتفاقم وتزداد تعقيدا في الدول النامية. وأضاف أن الوقائع والدراسات أثبتت أن الأشخاص ذوي التوحد، الذين سنحت لهم الفرص للاستفادة من التشخيص المبكر والتكفل التربوي والتأهيل المبكر والفعال، تمكنوا من العيش باستقلالية والمشاركة الاجتماعية الكاملة. وأبرز اليزمي أن الحملة الوطنية التواصلية حول التوحد، التي تشمل عدة أنشطة لإذكاء الوعي والتعريف والتكوين حول التوحد طيلة شهر أبريل الجاري، تهدف إلى تعبئة الرأي العام والفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين، من أجل صياغة سياسات وبرامج تضمن الكرامة والمشاركة الكاملة لهؤلاء المواطنين.