دعا مشاركون مغاربة وعرب، في ختام ندوة دولية حول الأوقاف والاستثمارات الوقفية بالرباط، مراكز البحوث المهتمة بهذا المجال لدراسة التجارب العملية لاستثمار الأوقاف في العالم الإسلامي وتقويمها، والمزج بين العائد الاجتماعي وتعظيم منافع الوقف، مع ضرورة إيجاد تشريعات وتنظيمات تلبي الاحتياجات المتعددة للواقفين، وتحت إشراف مؤسسات تتمتع بالشفافية ومعايير الرقابة. جاءت تلك الدعوة في ختام ندوة دولية عقدت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بالرباط تحت عنوان «الاستثمارات الوقفية.. بين المردود الاجتماعي والضوابط الشرعية والقانونية»، نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية ومؤسسة دار الحديث الحسنية بشراكة مع الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت والبنك الإسلامي للتنمية الموجود مقره بجدة بالمملكة السعودية. وطالب المشاركون بتأمين الاستثمار الوقفي من المخاطر عبر تعزيز ضماناته التوثيقية وتحصين وضعيته القانونية، وبالتوسع في أنواع «الأعيان الموقوتة» ومجالات الاستثمار المرتبطة بها، بما يضمن تغيير الصورة النمطية المغلوطة عن الاستثمار الوقفي، وتحسين سمعة الأوقاف بما يخدم تنميتها، وتفعيل النصوص القانونية المكرسة للحكامة الجيدة، سواء كانت مرتبطة بمالية الأوقاف العامة أو مراقبتها، مع إخضاع الاستثمارات الوقفية للتحليل الاستباقي وتحبير المخاطر وتعميق المقاربات الاستراتيجية والتخطيط في مجال الاستثمار الوقفي. وأكد البيان الختامي للندوة حرص المشاركين على تغيير مفهوم النظارة على الوقف من إدارة للتنفيذ إلى إدارة للتدبير كشرط للتفاعل الإيجابي مع متطلبات الواقع، وفق ما يخدم تحقيق أهداف المؤسسة الوقفية، مشددا على اعتماد الاحترافية في تدبير الاستثمارات الوقفية، ودعا إلى العمل على تحسين سمعة المؤسسة الوقفية كشرط للتشجيع على حسن التفاعل مع المشاريع الاستثمارية للأوقاف، والتوفيق بين الأخذ بمبدأ وحدة الذمة المالية للأوقاف العامة وبين مبدأ التخصيص بالنسبة لبعض الأوقاف. وقد انطلقت أعمال هذه الندوة برئاسة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق وأمين عام الأمانة العامة للأوقاف بالكويت عبد المحسن عبد الله الخرافي ومدير مؤسسة دار الحديث الحسنية أحمد الخمليشي وبمشاركة نخبة من كبار العلماء والباحثين في مجال الوقف. وأعرب أحمد التوفيق في كلمته عن سعادة المغرب باحتضان الندوة، التي وصلت دورتها الثالثة، مشيرا إلى أن هذه الندوة تأتي بعد احتضان المغرب للدورة الرابعة لمنتدى قضايا الوقف الفقهية. كما أشار إلى أن الحاجة ملحة للنهوض بالدور التنموي للوقف، ليضطلع بدوره في مختلف مناحي التنمية البشرية في العالم الإسلامي، وفاء لميراث الأجداد، وقياما بواجب الأمانة الملقاة على عاتق الأجيال الحاضرة حتى تشمل مختلف حاجيات الحياة، حسب تعبيره. وأكد التوفيق في نفس الوقت على الخطوات التي قام بها المغرب في هذا المجال، والمتمثلة في استصدار القوانين المنظمة التي حافظت في المدونة الجديدة للأوقاف على استقلالية الوقف وخصوصيته وحسن استغلاله والاستفادة منه بطرق استثمارية تمكنه من المساهمة في مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أبرز أهمية الندوة في دعم العاملين في إدارة الأوقاف وتأهيلهم والرفع من كفاءاتهم، عبر تطوير جسور التواصل بينهم وبين الباحثين في قضايا الوقف، لمواجهة التحديات التي باتت تواجه المؤسسات الوقفية، وتفرض تطوير العمل المؤسسي الوقفي، وفق أسس ومعايير تضمن استمرار قيام الوقف بدوره في تلبية الاحتياجات الاجتماعية المتجددة. وأعلن أمين عام الأمانة العامة للأوقاف الكويتية، عبد المحسن عبد الله الخرافي، في ختام الندوة، عن مواصلة الأمانة العامة دعمها لمجال البحث العلمي وطباعة البحوث والدراسات الميدانية المتعلقة بموضوع استثمارات الأوقاف، وتشجيعها للاقتراحات التي من شأنها ابتكار أنماط جديدة للوقف تمكن من استرجاع الثقة لدى المحسنين. وقد بحثت جلسات الندوة مواضيع تخص الضوابط الشرعية لاستثمار الأوقاف، والضمانات القانونية لاستثمار الأوقاف على ضوء مدونة الأوقاف المغربية، والمحددات الاقتصادية للاستثمار الوقفي، والإطار العام لاستراتيجية استثمارية للمؤسسات الوقفية والخيرية، ودور المؤسسات المالية في تدبير الأوقاف، وإدارة واستثمار موارد الأوقاف بين الإشكالات والتحديات، والتجارب المغربية والكويتية وتجربة البنك الإسلامي للتنمية في الاستثمارات الوقفية، والأساليب الحديثة لتطبيقات (تروست) في مجال الاستثمارات الوقفية.