أكد محمد عمارة، رئيس جمعية وجدة فنون، في كلمة ترحيبية بالمشاركين في الملتقى الدولي الثاني لثقافة «الراي»، أن الهدف من تنظيم النسخة الثانية لهذا الملتقى هو التعريف بفناني المنطقة، وكذا فتح المجال للفنانين والباحثين بهدف تناول موضوع ثقافة «الراي» من زاوية أكاديمية وعلمية، داعيا، في الوقت نفسه، الطلبة إلى الاهتمام بهذا الجانب في أبحاثهم المستقبلية، ومذكرا بأن تنظيم هذا الملتقى يندرج في إطار سلسلة من الأنشطة التي دأبت جمعية وجدة فنون على تنظيمها بهدف التعريف بالموروث الثقافي الذي تزخر به الجهة الشرقية. وتمحورت المداخلات حول البحث في الأصول الأولى لموسيقى «الراي»، خاصة أن هذه الموسيقى، سواء تعلق الأمر بجانبها الإيقاعي أو بجانبها الشعري، لم تعش وحدها ضمن الشريط الحدودي، بل عاشت بمعية مجموعة من الأنواع الفنية الأخرى، كالموسيقى الغرناطية والموسيقى الأندلسية والحوزي، والقصيدة البدوية. وحاول المتدخلون البحث عن نقط التأثير والتأثر التي كانت بين هذه الأنواع الموسيقية واستطاعت أن تعيش وتتعايش معها. مصطفى السلاوي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، اعتبر أن فن «الراي» يرتبط ارتباطا كبيرا بما هو محلي، حيث إنه نابع من منطقة تشمل غرب القطر الجزائري وشرق المملكة المغربية. وأشار إلى أن هذه الموسيقى ولدت ونشأت في منطقة تلاقح، التي هي الجهة الشرقية، والتي عرفت وجود مجموعة من الأجناس ومجموعة من الشعوب، سواء المسيحية أو اليهودية أو المسلمة، والتي استطاعت أن تُمدَّ المنطقة بكلّ البذور التي تسمح لها بإنشاء موسيقى عالمية. ودعا السلاوي إلى البحث في هذه الأنواع الموسيقية، التي تشكل جزءا من هوية المنطقة في المقام الأول والهوية المغربية بشكل عام، مبرزا في هذا الصدد أن موسيقى «الراي» ما هي إلا البوتقة التي انصهرت فيها الأشكال الثقافية واللغوية والموسيقية المتنوعة لمجموعة الأجناس والشعوب التي عاشت بالمنطقة الشرقية. عبد السلام بوسنينة، أستاذ باحث بنفس الكلية، تناول في عرضه كيفية مقاربة دراسة نص شعبي، حيث سجل على بعض الباحثين إسقاطهم مناهجهم على النص الشعبي، لدرجة أنهم قولوه ما لم يقله، وتعسفوا على حمولته الدلالية، ونبه إلى أن النص الشعبي هو الذي يُنتِج المناهج، مستشهدا بالمتخصصين في اللسانيات. وأبرز أن العديد من المصطلحات الشعبية يمكن اعتمادها في دلالة نص شعبي، خاصة في «قصيدة الشيوخ»، كما سجل ترسانة مهمة من المصلحات وأدوات النقد التي يمكن استعمالها. وجاء في شهادة «برونو باري»، الباحث في موسيقى الراي ومدير فن وإنتاج، ناشر للأغاني الأولى للشاب مامي (1990 في الولاياتالمتحدة) والشاب قادر (1988 في اليابان)، أن مجموعة من المغنيين الصغار هم الذين عملوا على نشر موسيقى الراي عالميا، خلافا لما يعتقده البعض، ونسب ذلك إلى «خالد»، معتمدا على مجموعة من الوثائق التي يتوفر عليها. وأجمع المشاركون في الملتقى الدولي الثاني لثقافة «الراي»، الذي وضع تحت شعار «الراي موسيقى بدون حدود»، الذي نظمته جمعية وجدة فنون المنظمة للمهرجان الدولي للراي صباح السبت 15 مارس 2014، على ضرورة التوثيق الأكاديمي لمختلف الأشكال الموسيقية التي تميز المنطقة الشرقية للمملكة، بما فيها موسيقى «الراي»، ودعوا الأساتذة الباحثين الجامعيين إلى العمل على تحديد هذه الأنواع الموسيقية وسبر أغوارها في أفق توثيقها بشكل أكاديمي وعلمي لتصبح مرجعا أساسيا للأجيال المقبلة. الملتقى الدولي الثاني لثقافة «الراي» كان مناسبة لجمعية «وجدة فنون» لتكريم كل من المخرج السينمائي كمال كمال، الحاصل على الجائزة الأولى بمهرجان الفيلم الوطني بطنجة، وكذا الفنان بنعبيد سمير.