كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تقريرها الصادر مؤخرا، عن وجود 6572 سجينا جزائريا في السجون الخارجية، خاصة بفرنسا وإسبانيا وبلجيكاوإيطاليا، وفي دول عربية كالمغرب وتونس وسوريا والعراق. واتهم التقرير الحكومة الجزائرية بالتهاون في معالجة ملف يهم رعاياها في الخارج، موضحا أن المعتقلين يوجدون في ظروف «لاإنسانية ومخالفة للمعايير الدولية». وورد في التقرير أن فرنسا تعد الدولة الأجنبية التي توجد بها أكبر نسبة من المساجين الجزائريين، حيث يرزح في سجونها 2018 معتقلا جزائريا، وتأتي إسبانيا على هذا الصعيد في الصف الثاني ثم بلجيكا في المرتبة الثالثة؛ بينما يعد المغرب المُؤوي الأول للسجناء الجزائريين على الصعيد العربي، بأزيد من 500 سجين. ولم ينس التقرير الحقوقي «هزة لكتف» حين قال إن أوضاع الجزائريين في السجون المغربية مقلقة، ودعا البلدين إلى «اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تقديم توضيحات حول مصير ومكان تواجدهم»، بينما سكت عن أوضاع رعاياه في ليبيا والعراق وسوريا وغوانتنامو. أسباب الزج بهؤلاء الرعايا في سجون دول أجنية يرجع -حسب الرابطة- إلى عدم تسوية الوضعية القانونية أو جرائم مخدرات أو قضايا تتعلق بالإرهاب، قبل أن يضيف أن كثيرا من المعتقلين أدينوا وصدرت في حقهم أحكام متفاوتة «لشكوك فقط وليس لأدلة دامغة»، دون أن تقدم نماذج لمساجين «الراي» وليس الرأي. لكن الهيئة الحقوقية لا تكتفي بالكشف عن الظاهرة، بل ترافع نيابة عن الجزائريين وتطالب بالإفراج عنهم ضاربة عرض الحائط بمقولة قانونية تجعل الجميع سواسية أمام القوانين. وقد استندت الرابطة إلى رسالة موجهة من سجين جزائري إلى عائلته في ولاية الشلف، يدعي فيها أنه صوت السجناء الجزائريين «المعتمدين» في سجون المملكة، وأنه ينقل معاناتهم داعيا الجهات الحكومية إلى التدخل لفك أسرهم، فمارست الرابطة ضغوطها أملا في إفراج فوري عنهم، كالحليب الفوري الجزائري الذي يباع في أسواق التهريب شرق البلاد. لكن، هل يوجد إحصاء دقيق للسجناء المغاربة في معتقلات الجزائر؟ بغض النظر، طبعا، عن المعتقلين في سجون تيندوف. تقول إحصائيات غير رسمية، صدرت في جريدة «ليبيراسيون» الجزائرية إن سجون الجزائر تضم حوالي 3000 معتقل من جنسية مغربية، لا أحد في المغرب يسأل عنهم باستثناء فقرة نداء في برنامج «مختفون» ودموع أهاليهم المتحجرة. أغلب سفراء المملكة في سجون الجارة، جار الزمان عليهم فأدينوا بتهمة التسلل إلى التراب الجزائري بصفة غير شرعية، وكأن هناك تسللا شرعيا، وحوكموا بقانون الهجرة السرية تارة وقانون التهريب تارة أخرى. سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان/فرع وجدة أن أصدرت تقريرا كشفت فيه عن معاناة أسر مغربية من سوء المعاملة في السجون الجزائرية، حيث ذكرت أن هناك أزيد من 65 عائلة في الجهة الشرقية منشغلة بمصير أبنائها المغتربين الرازحين خلف القضبان، وأن إحدى العائلات انتظرت الإفراج عن ابنها وحين تلقت إشعارا من شرطة الحدود بذلك اكتشفت أن ابنها قد غادر السجن ملفوفا في كفن فشيعته بالدموع. يعرف المغاربة والجزائريون أن السبب الثاوي وراء إغلاق نقطة الحدود زوج بغال بين البلدين هو العمل الإرهابي الذي استهدف فندق أسني في مراكش من طرف جزائريين ساهموا، من حيث لا يدرون، في فرض التأشيرة ووضع أقفال على المعبر الحدودي لمدة عشرين سنة. فهل يستحق مدبرو هذا الحادث الدامي أن يعاملوا معاملة مهذبة، حتى تكتب الرابطة تقريرها بحبر المهادنة؟ ثم هل يعلم محررو التقرير بأن لاعبا دوليا مغربيا اسمه عبد الحق أيت العريف قد تعرض للنصب والاحتيال من طرف جزائري يعرفه الخاص والعام في الجزائر دون أن تطاله يد العدالة أو يحال على مؤسسة عقابية؟ هرب الجاني والمجني عليه، الأول اختار الاستقرار في الجزائر، والثاني فر نحو الإمارات التي آوته من خوف وأطعمته من جوع. لقد تعطلت اتفاقيات تبادل الأسرى بسبب إغلاق الحدود وتعليق المواثيق الحقوقية إلى أن يموت «زوج بغال» اللذان سجلت النقطة الحدودية باسمهما لدى المحافظة العقارية، ويتركا وصية تبرئة ذمة مما تبقى من أعلاف، وتوصية أخرى بتبادل الأسرى. سجناؤنا في المهجر، «والحمد لله»، يحتلون صدارة ترتيب التقارير الحقوقية، ففي إيطاليا يتجاوز عددهم 5 آلاف سجين، يقضون عقوبات متفاوتة، من التسلل إلى تراب الطليان إلى التسلل إلى جيوب مشغليهم؛ وفي دول أخرى يتنازعون الزعامة مع جنسيات من أوربا الشرقية وإفريقيا السوداء، دون أن تشغل هذه الصادرات بال وزراء الداخلية والخارجية والعدل وشؤون المهاجرين، إلا أن السجناء المحظوظين هم الذين يقضون عقوبات حبسية في سجون الخليج العربي، رغم أنهم يجلبون إلى الوطن الجلدة الصعبة بدل العملة الصعبة.