لا أحد قبل اليوم كان يتوقع أن حكومة بنكيران ستكون «سخية» إلى هذه الدرجة مع «البانضية والشفارة»، حتى إن الحكومة الحالية، بمقترحها الذي تقدمت به في مشروع قانون المالية الجديد والقاضي بالعفو عن المهربين الذين يتوفرون على عقارات وحسابات بنكية في الخارج، تحولت إلى «بابا نويل» يوزع الهدايا و»المزاوكة» على كبار اللصوص الذين شربوا دم هذا الشعب ونهبوا أمواله وهربوها إلى الخارج. والآن، هي بصدد تحضير قانون لاستقبالهم مع أموالهم المشبوهة وتقول لهم: «مرحبا بيكم وبحرامكم». والحقيقة أن على حكومة بنكيران أن تقوم بإعداد وصلات إشهارية في التلفزيون تشجع كبار المافيوزيين والمهربين على المجيء إلى بلدهم ودخول أرضها آمنين، وتفسر لهم قانونها الجديد الذي يحميهم من المتابعة القضائية ومن السجن وحتى من الإفصاح عن هوياتهم وإفشاء أرقام «اللعاقة» التي سيرجعونها إلى البلاد بعدما هربوها في السابق من تجارة الحشيش والدعارة والحانات والملاهي وميزانيات المجالس المنتخبة والمال العام ومقالع الرمال السرية ومن كل الموبقات التي تاجروا فيها ونهبوها وبفضلها أصبحت لهم عقارات وحسابات بنكية في إسبانيا وسويسرا وسنغافورا واللوكسنبورغ وجزر الكاريبي، وفي باقي الجنات الضريبية عبر العالم. والظاهر أن الحكومة الحالية «تلفات»، والمثل الشعبي يقول «اللي تلف يعبر من الكتف»، لذلك نفهم توجهها نحو لصوص المال العام وتجار الممنوعات وإعداد قانون خاص بهم يعودون بموجبه إلى أرض الوطن معززين مكرمين هم وأموالهم المتسخة كي يغسلوها بماء الورد الذي حضرته لهم الحكومة الحالية حتى يغطوا به على الروائح النتنة التي تبعث من تلك الأموال، هكذا حين يتعلق الأمر بلصوص الهواتف في الشارع فإن الأمن يهب للإمساك بهم وسوقهم كالدجاج «المكتف» إلى أقرب مخفر ومنه إلى أقرب محكمة، لكن حين يتعلق بلصوص المال العام فإن الحكومة الحالية تحملهم فوق «العمارية» على إيقاعات راقصة وتحميهم من المتابعة وتضع خطا أسود على أسمائهم وأرقام ثرواتهم، وهنا تظهر «حنة» الحكومة التي تعرف جيدا ليس من أين تؤكل الكتف فقط، بل حتى كيف تصل إلى «الرَّجلة والملج». لكن الغريب حقا هو كيف تصادف في الأسبوع نفسه شعار جماهير الرجاء «الواليدة صيفطي اللعاقة راه الرجا باقا» مع سعي حكومة بنكيران إلى طلب «اللعاقة»، لكن ليس من عند «الواليدة» بل من عند «البانضيضوس»، وسيكون مناسبا لو فكرت الحكومة في إخراج ملصق إشهاري شبيه ب»وياكم من الرشوة»، لكن هذه المرة يكون موجها إلى «الشفارة»، كأن يقولوا لهم «البانضيضوس صيفطو اللعاقة راه الوقت هانية»، لأن حكومتنا وضعت سنة 2014 كاملة رهن إشارة دخول الأموال المنهوبة، كأنهم ينظمون الأبواب المفتوحة لمدة عام لكل من أراد أن يغسل «فلوس لحرام»، وهكذا سيتحول المغرب في السنة القادمة إلى «ماكينة ديال الصابون»، متخصصة في غسل المال الحرام مع ضمانة حكومية «باش يرجع حلال»؛ كل ذلك يقع مع حكومة يسيرها حزب اسمه العدالة والتنمية... «حشومة حتى في التعاويدة». وعوض أن تتجه الحكومة إلى تنزيل وعودها الانتخابية، فضلت أن تبيع التوبة «فابور» للصوص الشعب، وهذا ما يسميه المغاربة ب»اللي ما يعرف النسر يشويه»، لكن حكومتنا أثبتت أنها تعرف أكثر مما كنا نظن أنها تعرفه؛ وحتى بنكيران، الذي ظهر «ناشط مع راسو» في المجلس الحكومي بسبب فوز الرجاء، قال بالحرف إن «المغاربة قادرون على إنجاز المعجزات إذا كانت اللعبة نظيفة»،... لكنه لم يكشف لنا عن منجزاته وعما إذا كان العفو عن اللصوص مع أموالهم الملوثة يعتبر، في رأيه، لعبة نظيفة؟ إلا إذا كان «الوسخ فيه وفيه». المهم في كل ذلك أن الرجاء أخرجت المغاربة فرحا إلى الشارع وحققت ما عجزت حكومة بنكيران عن تحقيقه مع أولاد الشعب؛ أما «البانضيضوسات» الذين عفت عنهم الحكومة فوحدهم يهتفون: «دوماج ما سرقناش كلشي».