حقق فريق الرجاء الرياضي المغربي، الذي أصبح بعد ليلة السبت الماضي بالقوة والفعل، الرجاء العالمي، إنجازا غير مسبوق وهو يصل لدور نصف نهاية كأس العالم للأندية في نسختها العاشرة، بعد أن كان أول فريق إفريقي يشارك في كأس العالم في نسخته الأولى بالبرازيل سنة 2000. وحقق مع هذا الإنجاز حلم المغاربة بالتطلع للأعلى كرويا، خصوصا وأن الخيبات والنكسات توالت في السنوات الأخيرة، وجعلتنا في أسفل السلم الإفريقي بعد أن كنا فيما سبق من ضمن كبار القارة كرويا. وكان لا بد للمغاربة، من غير عشاق فريق الرجاء الرياضي، أن يحتفلوا بما تحقق في أكادير وهم يتطلعون للاحتفال بما يمكن أن يتحقق في مراكش. فكرة القدم هي لعبة قد لا يحكمها المنطق في الكثير من الأحيان. لقد خرجت الآلاف لشوارع كل المدن للاحتفال بما تحقق. ورفعت الأعلام عاليا. ورددت الجماهير أناشيد النصر، حتى من غير المهووسين بحب الكرة. ووجدنا أنفسنا أننا نحقق إجماعا وطنيا غير مسبوق، قد لا تحققه غير الرياضة. لذلك لم يكن الأمر غريبا أن يقول الوداديون، ومحبو فريق الجيش الملكي والمغرب الفاسي، إنهم كانوا ليلة السبت الماضي رجاويين، وسيظلون كذلك خلال مشوار هذه الكأس العالمية، لسبب بسيط هو أن الرجاء لم تكن تدافع عن سمعتها فقط، ولكنها دافعت عن سمعة الكرة المغربية في هذا المحفل الكروي العالمي. لقد أشعرتنا الرجاء بانتصارها في مبارتي أوكلاند سيتي و «اتليتيكو مينيرو» بالحاجة للفرح بعد سلسلة من النكبات التي توالت على كرة القدم المغربية. وبدا أن عطشنا كبير لمثل هذا اللحظات التي تصنع فيها الكرة أفراح المغاربة. واليوم، لا أحد يتذكر أن كرة القدم المغربية عاشت في الأمس القريب نكسة عدم مشاركتها في نهائيات كأس العالم، التي تجري في البرازيل صيف هذه السنة، وهو غياب يتكرر اليوم لرابع مرة على التوالي. ولا أحد التفت إلى تلك الفضيحة التي خلفتها أشغال الجمع العام الذي عقدته جامعة الكرة، والتي جعلت العالم يتفرج علينا عبر صور خدشت كرتنا الوطنية. وهي الفضيحة التي لم تتردد الفيفا في الدخول على خطها، والإقرار بلا قانونية أشغال ذلك الجمع. اليوم قدمت الرجاء لكرة القدم المغربية خدمة كبيرة لا تقدر بثمن. لقد قالت للعالم إن كرتنا الوطنية بخير، لو وجدت مسيرين لهم كفاءة وأخلاق. وقالت للعالم إن كرتنا الوطنية لا تخلو من مبدعين على رقعة المستطيل الأخضر، و في المدرجات. ولذلك تابعنا كيف انبهر بلاتر، ومن معه، بتلك الصور التي قدمها جمهور الخضراء في أكادير. وقالت للعالم إن الكرة، والرياضة عموما، هي من يصنع أفراحنا، تماما كما يحدث في كل بلدان العالم. إنها هي العقيدة الجديدة لشباب اليوم. لقد عشنا نفس هذه الأجواء في الأمس القريب حينما لعب المنتخب الوطني في 2004 نهاية كأس أمم إفريقيا في كرة القدم على عهد المدرب بادو الزاكي. وقد كانت مجرد مشاركة في مباراة نهاية، حتى دون أن نتوج بالكأس الإفريقية، كافية ليحتفل المغاربة بالشماخ وحجي والزايري. ويخرجوا إلى الشوارع وهم يهتفون بأسمائهم. اليوم تكررت الصورة مع فريق الرجاء الرياضي، ما يعني أن الكرة لا تزال قادرة على صنع أفراحنا، كما قد تكون سببا في العديد من أحزان المغاربة. في مصر ظلت أثمة الضغط الدموي ترتفع في الصيدليات كلما خسر فريقهم القومي مباراة من مباريات الكرة. وعندنا، لا نعدم أن ترتفع أثمنة أمراض الضغط والسكري والقلب كلما تعرضت كرة القدم المغربية لهزة عنيفة تفقدها ذلك التوهج الذي نريده لها. غير أن ما حققه الرجاء في هذه الكأس العالمية، لا يجب أن يمر عاديا دون أن نسثتمره فيما هو أحسن. والأحسن هو أن نعالج الكثير من اختلالات التسيير. إنه الورش الكروي الأول الذي ينتظرنا بعد كأس العالم للأندية.