قبل خمس سنوات تقريبا اهتزت الدار البيضاء على وقع حادث مفجع تمثل في الحريق الذي اندلع في شركة "روزامور" بمنطقة ليساسفة بمقاطعة الحي الحسني، الضجة التي أثارها الحريق الذي خلف العديد من القتلى، دامت شهورا طويلة، وارتفعت أصوات كثيرة منددة بالأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الفاجعة، ومن بينها تردي وضعية المنطقة التي توجد فيها هذه الشركة. حينما جرى فتح ملف المناطق الصناعية بالدار البيضاء تم الحديث عن ضرورة إعادة هيكلة هذه المناطق التي يعيش بعضها في فوضى عارمة. قبل وقوع هذا الحادث المفزع كانت إحدى الجمعيات، التي تضم في أعضائها مجموعة من الصناعيين البيضاويين، عقدت لقاء في المنطقة الصناعية بالبرنوصي وتم الحديث خلال هذا الاجتماع عن الصعوبات التي تعيشها المناطق الصناعية، وتم التأكيد خلال هذا الاجتماع على مجموعة من النقاط التي من شأنها رفع التهميش عن بعض المناطق الصناعية، لكن كل ذلك ظل حبرا على ورق. الوضعية التي تعانيها المناطق الصناعية في الدار البيضاء أصبحت تطرح الكثير من علامات الاستفهام، وفي هذا السياق قال أحد المتتبعين للشأن المحلي ل"المساء" "إن المكانة الصناعية للدار البيضاء بدأت تتقلص بشكل تدريجي، وهذا يرجع بشكل كبير إلى الوضعية التي تعرفها معظم المناطق الصناعية على صعيد الجهة". وأضاف أن البنيات التحتية في معظم المناطق الصناعية لا تشجع على الاستثمارات، وهو الأمر الذي يدفع العديد من المستثمرين إلى تفضيل وجهات أخرى بدل وضع ثقتهم في جهة الدار البيضاء. واعترف رئيس جهة الدار اللبيضاء، شفيق بن كيران، في تصريح ل"المساء" بالوضعية المزرية التي تعانيها المناطق الصناعية في هذه الجهة، وقال: "العديد من الصناعات التقليدية في الدار البيضاء، وهي النسيج والحديد وغيرهما بدأت تتراجع، بسبب المشاكل التي تعرفها مجموعة من المناطق الصناعية في الجهة"، وأضاف أن المسؤولية يتحملها العديد من المتدخلين. وأكد المتحدث ذاته أنه إذا كانت الدار البيضاء تعيش بعض التحرك على مستوى ظهور صناعات متطورة، إضافة إلى وجود رغبة في إحداث قطب مالي، فلا يجب أن يتم ذلك على حساب ما يسميه بالصناعات التقليدية، وقال: "لا يجب أن يتم تهميش الصناعات التقليدية في الدار البيضاء والتي جعلت المدينة تحتل المرتبة الأولى في الصناعة وطنيا، حتى أنها كانت تعتبر مدينة صناعية. وأوضح رئيس جهة الدار البيضاء أن هناك العديد من المناطق الصناعية العشوائية التي ظهرت مؤخرا، وهو الأمر الذي يجعل مجموعة من العمال يشتغلون في ظروف مأساوية مهامها، حيث لا تتوفر لهم أي حماية، وقال: "إذا كان قد وقع اتفاق على إحداث خلية لتحسين مناخ الأعمال، فلابد أن يكون من دورها الاهتمام بالمناطق الصناعية في ربوع الجهة، لأن ذلك هو الذي سيشجع على جلب المستثمرين. المشاكل التي تعرفها بعض المناطق الصناعية في الدار البيضاء ليست وليدة اليوم، بل إنه يتم في مناسبات كثيرة التأكيد على ضرورة الاهتمام بهذه المناطق لكي تحتفظ المدينة والجهة عموما بمكانتها الصناعية والتقليدية، لأنه لا يعقل أن تفقد الدار البيضاء المكانة التي ظلت لسنوات طوال تحتلها وطنيا وإفريقيا.