اختارت إدارة مهرجان مراكش عرض الفيلم الهندي «رام ليلا» في حفل افتتاح مهرجان مراكش الدولي للفيلم في نسخته الثالثة عشرة، بحضور مخرجه الأشهر في تاريخ بوليوود وصاحب فيلم «ديفداس» الشهير «سنجاي ليلا بهانسالي» وبطلته «باديكا بادكون»، التي توصف بالصاروخ الصاعد في السينما الهندية. اختيار إدارة المهرجان ل«رام ليلا» في حفل الافتتاح لم يأت اعتباطيا بعد أن لمست هذه الأخيرة ولع الجمهور المغربي بالسينما الهندية خلال دورتين سابقتين، أي منذ دعوتها شاه روخان، الممثل الهندي صاحب الجماهيرية الجارفة، ليس فقط في المغرب بل وفي العالم العربي، والذي أنقذ بحضوره، سواء على البساط الأحمر أو بساحة جامع الفنا، ماء وجه الدورة الحادية عشرة، لتعزف إدارة المهرجان مرة ثانية على نفس الوتر وتعلن اختيار السينما الهندية ضيفة شرف، وتقوم باستدعاء وفد ضخم خلال الدورة الموالية، أي الثانية عشرة، ترأسه أسطورة السينما الهندية «أميتاب بشان»، وأيضا بحضور شاه روخان الذي حظي بوسام ملكي. فيلم «رام ليلا» سبقته ضجة كبيرة قبل عرضه بمهرجان مراكش، أي منذ خروجه إلى القاعات السينمائية بالهند وتنويه الممثلين الهنديين به، على رأسهم أميتاب باشان الذي أعرب عن إعجابه الشديد به، مما زاد وتيرة التشويق لمشاهدة هذا الفيلم في العرض الافتتاحي لمهرجان مراكش، حيث توقعنا أن نكون أمام فيلم يقلب المعايير والمفاهيم التقليدية التي تميز السينما الهندية. اعتمد الفيلم على قصة «روميو وجولييت» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير، والتي تعد واحدة من الكلاسيكيات الأدبية التي ألهمت الفن السابع في أعمال عديدة. ولا ننكر البداية القوية للفيلم ونجاحه في رسم صورة العداوة القاتلة التي تجمع قبيلتين، والتي تمتد لأكثر من 500 سنة، وأيضا الاستعراض الموسيقي «الخرافي» الذي رافق الكشف عن شخصية بطل الفيلم التي قام بأدائها الممثل الهندي «رانفير سينغ»، لكن هذا المنحى التصاعدي سيتذبذب عند وقوع البطلين في الحب الذي كان عنوانه «الجنس والجسد» قبل مشاعر الحب، كأن المخرج أراد أن يخرج شخصيات شكسبير من قالبها الرومانسي والتاريخي ويسبغ عليها طابع الحب بلغة العصر الحالي، عصر السرعة والهاتف النقال وتويتر والفايسبوك. تذبذب السيناريو وإغراقه في مشاهد العنف والإيحاءات الجنسية لن يستمر طويلا، حيث سيتم قتل شقيق البطل الحبيب على يد أخ الحبيبة، والذي يمكن اعتباره البداية الحقيقية للفيلم، ثم هروبهما معا وزواجهما قبل أن يفرقهما حقد العائلة من جديد ليعود الفيلم ويسقط في بعض المشاهد في «هنديته»، كلحظة دخول البطل للقاء والدة حبيبته وتفوقه أعزل على رجال مدججين بالسلاح الناري والأبيض معا، دون أن ننسى اجترار السيناريو وجعل مدة عرضه تصل إلى 154 دقيقة، في حين كان يمكن الاستغناء عن بعض المشاهد المجانية أو التقليص منها، والتي لم تخدم الفيلم بأي شكل من الأشكال. بالرغم من سلبيات السيناريو، إلا أن بطل الفيلم جسد شخصيته بإتقان، وبرزت موهبته الفذة حين مزج في مشهد من دقيقة تعابير الخير والدهشة والشر معا، وكان أداء البطلة باديكا كبور مقنعا بدرجة كبيرة، وتبقى النقطة القوية في الفيلم أداء الممثلة «سوبريا باتهاك كابور»، التي لعبت دور والدة البطل باقتدار كبير، دون أن ننسى الممثل الذي لعب شخصية شقيق البطل رغم قصر المشاهد التي مثلها. وغطى جمال وروعة الصورة التي تسلب العقول بألوانها أيضا على سلبيات الفيلم الأخرى. يبقى «رام ليلا» فيلم «شباك تذاكر» لا يليق بعرض افتتاحي لمهرجان دولي بحجم مراكش، وربما للمهرجان أسبابه المقنعة في اختيار السينما الهندية للرفع من أسهمه في بورصة المهرجانات المنافسة، وعلى رأسها مهرجان دبي الذي يتزامن توقيته مع توقيت مهرجان مراكش.