اضطرت صحيفة «نيويورك بوست» إلى تقديم اعتذار علني لقرائها أولا وللرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بعدما واجهت غضبا شعبيا عارما خلال الأيام القليلة الماضية بسبب نشرها رسما كاريكاتوريا يشبّه أوباما بقرد الشامبانزي. بدأت فصول القضية عندما نشرت الصحيفة الأسبوع الماضي رسما ساخرا يصور شرطي أمريكي يتحدث إلى زميله مباشرة بعد قتله لقرد من فصيلة الشامبانزي ويقول: «عليهم أن يبحثوا الآن عن شخص آخر يمكنه التوقيع على خطة التحفيز الاقتصادي»، في إشارة إلى خطة الإصلاح الاقتصادي التي أعلن عنها أوباما قبل يومين فقط. وكان الرسم يجمع بطريقة ساخرة بين حادثة وقعت الأسبوع الماضي بولاية كونيتيكيت عندما اضطرت قوات الشرطة إلى قتل قرد شامبانزي انتابته حالة من الهستيريا الحادة بدأ يهاجم على إثرها السيدة التي كانت تربيه في بيتها منذ سنوات وكذلك الجيران الذين هبوا لنجدتها، وبين الامتعاض الشعبي من خطة التحفيز الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتصل قيمتها إلى 787 مليار دولار. لكن الرسم أثار عاصفة من الانتقادات الشعبية الحادة قادها زعماء منظمات الحقوق المدنية التي تدافع عن مصالح السود داخل أمريكا والذين نظموا مظاهرات احتجاج غاضبة أمام مقر صحيفة «نيويورك بوست» في حي مانهاتن الراقي، وطالبوا بمقاطعة الجريدة والشركات التي تعلن فيها، معتبرين أن الرسم عنصري ومسيء ويحرض على قتل أوباما بشكل مباشر. واستأثر الحادث باهتمام وسائل الإعلام المرئية التي أجمعت على «قلة ذوق» الرسام الذي نفذ فكرة الرسم الكاريكاتوري وعلى «وجود نزعة عنصرية» لدى المسؤولين في الصحيفة المعروفة بتوجهاتها المحافظة. ورفض البيت الأبيض التعليق على الحادث لكن المتحدث باسمه، روبرت غيبس قال: «لم أشاهد الرسم, ولهذا لا أستطيع التعليق عليه, لكنني أعتقد بأن نيويورك بوست لا تستحق القراءة أصلا»! وصرح «شون ديلانوس», صاحب الرسم الكاريكاتوري, بأنه لم يقصد الإساءة أبدا للرئيس الأمريكي وأن هدفه كان السخرية من كيفية معالجة أوباما للأزمة الاقتصادية الحالية، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن تم رسمه على هيئة قرد وعدد من الحيوانات الأخرى أكثر من مرة، ورغم ذلك لم يحتج أحد على ذلك الأمر أو يتهم الفنانين الكاريكاتوريين الذين رسموه على تلك الهيئة، بالعنصرية. لكن دفاع «ديلانوس» عن نفسه لم يصمد أبدا أمام الغضب الشعبي العارم الذي أثاره الرسم الكاريكاتوري المسيء، مما اضطر الرسام والصحيفة إلى تقديم اعتذار رسمي للقراء وللرئيس الأمريكي باراك أوباما.