هل كان تدخل العسكر في الأزمة المصرية هو المخرج من عنقها الضيق؟ هل كان عزل محمد مرسي بتلك الطريقة المهينة و«التحفظ» على عشرات القيادات من الإخوان واعتقال المئات من أطرها وإغلاق قنواتهم التلفزية هو الحل الأمثل لإشكالية السلطة والحكم غير المسبوقة في مصر؟ هل تتماشى كل هذه الإجراءات مع السلوك الديمقراطي ودولة القانون؟ ألم يكن من الممكن انتظار وقوع تحول سياسي في البلاد يقوده الشعب عبر اعتصاماته في الميادين والساحات العمومية، ولمَ لا الدخول في عصيان مدني إلى حين تنحي مرسي عن منصبه، أو اختيار اللجوء إلى سلك المساطر الدستورية التي تخول للشعب خلع رئيسه؟ إن الانقلاب العسكري هو انقلاب ضد الديمقراطية وضد الحياة السياسية المدنية وخرق للقوانين وضرب للحريات ودعوة إلى إعمال قوانين الطوارئ والأعراف العسكرية، مهما كان هذا الانقلاب ناعما أو خشنا، ومهما حاول هذا العسكر تأثيث المشهد بشخصيات مدنية وشبابية. ما وقع في مصر من انتهاك للقانون والأعراف الديمقراطية لا يمكن القبول به في بلد وهب مئات الشهداء من أجل الحرية والديمقراطية في ثورة 25 يناير، وسيجعل من محمد مرسي ضحية وشهيدا للديمقراطية بصفته أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي، بعد أن كان من الممكن إزاحته بكل هدوء بفعل الضغط الشعبي، وإن طال، لو احتفظ الجيش بدوره في حماية المتظاهرين بمختلف أنواعهم ومشاربهم، وكذا المنشآت ومؤسسات الدولة، وجعل الشعب يقول كلمته بدون تدخل من أحد بصفته صاحب الأرض والسيادة ولأن شرعيته «الثورية» أقوى من أي شرعية أخرى؛ ولكن ما وقع ليلة أول أمس وطيلة يوم أمس هو سلوك لن يذكره التاريخ لمصر كثورة شعبية مجيدة وإنما كانقلاب عسكري كان يمكن تفاديه بقليل من الكياسة والحكمة السياسية، ولكن العسكر لا يؤمن سوى بلغة الأحذية الثقيلة وجلجلة البنادق.