سنة 2025: دينامية قوية غير مسبوقة للمغرب في مناصب المسؤولية بالمنظمات الدولية    المغرب يكتفي بنقطة أمام مالي.. تعادل بطعم الهزيمة    وزارة الداخلية: 31 دجنبر 2025 آخر أجل للتسجيل في اللوائح الانتخابية    المنتخب المالي يؤجل تأهل أسود الأطلس إلى ثمن النهائي    منتخب "الفراعنة" للمغاربة: "شكرا بزاف"    الطقس يعلق الدراسة بسطات السبت    تعزيز تخليق العمليات الانتخابية أبرز رهانات انتخابات 2026    قرار رسمي بحظر جمع وتسويق الصدفيات بسواحل تطوان وشفشاون    إدانات باعتراف إسرائيل بأرض الصومال    إل إسبانيول : المغرب يفرض نفسه كقوة كروية صاعدة في كان 2025    غوغل تعتزم تغيير سياستها الصارمة بشأن عناوين البريد الإلكتروني جي ميل    المضاربة في تذاكر مباريات الكان2025 تقود شخصا للاعتقال بأكادير    تارودانت .. توزيع 11 سيارة إسعاف على عدد من الجماعات    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    "كان المغرب".. التشكيلة الرسمية للمنتخب المغربي لمواجهة مالي    إخلاء عشرات المنازل في بلدة هولندية بعد العثور على متفجرات داخل منزل    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الجمعة إلى الأحد بعدد من المناطق    جبهة دعم فلسطين تطالب شركة "ميرسك" بوقف استخدام موانئ المغرب في نقل مواد عسكرية لإسرائيل        السعدي يترأس مجلس إدارة دار الصانع    المحامون يطالبون بجمع عام استثنائي لمناقشة مشروع قانون المهنة    ارتفاع حصيلة قتلى المسجد في سوريا    الأمطار تعزز مخزون السدود ومنشآت صغرى تصل إلى الامتلاء الكامل    1.2% فقط من الأطفال ذوي الإعاقة يلتحقون بالتعليم الأولي.. والقطاع يعاني من ضعف النظافة وهزالة الأجور    الثانية في أسبوع.. العثور على شاب مشنوقًا بحبل بضواحي الحسيمة    التهمة تعاطي الكوكايين.. إطلاق سراح رئيس فنربخشة    البيت الروسي يحتفي بسيروف: ألوان تحكي وحياة تروى    زخات قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة    المغرب يواجه مالي وعينه على بطاقة العبور المبكر    الحسيمة.. انقطاع مياه الري بسبب سد واد غيس يفاقم معاناة الفلاحين ومربي الماشية    الجزائريون يحتجون على قناتهم الرسمية بسبب تجاهل قمة المغرب ومالي    بلمو يحيي أمسية شعرية ببهو مسرح محمد الخامس بالرباط يوم الاثنين    قطاع الصحة على صفيح ساخن وتنسيق نقابي يعلن وقفات أسبوعية وإضرابا وطنيا شاملا        لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !    تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين    محكمة صفرو تدين مغني الراب "بوز فلو" بالحبس موقوف التنفيذ وغرامة مالية    التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    السلطة القضائية تنضم إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    على هامش كأس إفريقيا.. معرض ثقافي إفريقي وأجواء احتفالية تجذب الجماهير في تغازوت    تبوريشة مغربية أصيلة    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    الحق في المعلومة حق في القدسية!    أمريكا تستهدف "داعش" في نيجيريا    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة منهجية للبحث في الاقتصاد الإسلامي
نشر في المساء يوم 21 - 06 - 2013

يمثل الاقتصاد الإسلامي أحد أهم عناصر النسق الحضاري الإسلامي، ولذلك فهو محكوم بمجموعة من الثوابت والتي على رأسها التوحيد والخضوع لله باعتباره خالق كل شيء ومدبر كل أمر، ثم عنصر الاستخلاف والذي يوجه اعتقاد الإنسان ويقوم سلوكه، بما يتماشى مع الضوابط الشرعية. بالإضافة إلى ذلك فالاقتصاد الإسلامي ينطلق من مبدأ العدل والإصلاح، والاستجابة لحاجيات الإنسان، وفي نفس الوقت يفسح المجال أمام العقل البشري للإبداع والبحث الدقيق وتوظيف المعرفة الإنسانية في تحليل الظواهر الاقتصادية، واستخلاص القوانين بما يتواءم مع المقاصد الشرعية.
وتتضح أهمية المنهج أكثر بالنظر إلى الطبيعة المعرفية للاقتصاد الإسلامي، تلك الطبيعة التي تتحدد من خلال الوقوف على حقيقة هذا الاقتصاد أو موضوعه. فحسب ما ذهب إليه الدكتور رفعت العوضي، فإن علم الاقتصاد الإسلامي يتكون من شقين أساسيين هما: علم الفقه الاقتصادي، ويقصد به إعمال العقل في الدليل لاستنباط الحكم الذي يحكم الظاهرة الاقتصادية، ثم علم الاقتصاد الإسلامي، والذي يتحدد موضوعه في إعمال العقل في الحكم الذي تم استخلاصه سابقا لتحديد الظاهرة الاقتصادية التي ينشئها الحكم، وتحليلها والتأثير فيها، والتنبؤ بها. من أجل ذلك فإن عدم التمييز بين الجانبين عند التحليل والدراسة، يتعارض مع المنهج الصحيح، وبالتالي ينعكس ذلك سلبا على تحديد الإطار الصحيح للاقتصاد الإسلامي. ويمكن أن نستشهد في هذا السياق ببعض الكتابات والخطابات الحماسية المتداولة في هذا المجال المعرفي، والتي يغلب عليها طابع التوجيه والوعظ، ولا ترقى إلى مستوى التحليل الفقهي الأصيل. فهي لا تركز إذن على تفسير القضايا والوقائع الاقتصادية بغية استخلاص النتائج، مما يؤدي إلى حصر الاقتصاد الإسلامي في جانبه الوصفي الظاهري دون التعمق في دراسات الأحداث والخلوص إلى بعض النظريات والنتائج ذات الطابع العلمي.
وإذا كانت خصوصية المنهج المعتمد في إطار الدراسات الاقتصادية الشرعية تقتضي من الباحث ضرورة الالتزام بالأصول الشرعية والقيم العقدية المؤطرة للسلوك الاقتصادي في إطار عملية التحليل الاقتصادي، فإنه من الثابت كذلك ضرورة تنزيل حقيقة تلك المفاهيم وترجمة معاني تلك الأصول والضوابط العقدية إلى فروض يعتمد عليها لدراسة مختلف القضايا الاقتصادية وإخضاعها لسنة التجربة بغية استخلاص قواعد وصياغة نظريات. من ثمة فالأساس الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار هو الاجتهاد وفتح آفاق التجديد في مختلف القضايا المعاصرة والانفتاح على قضايا العصر وإنجازاته التي لا تتعارض مع الأصول الكلية والثوابت الشرعية.
إن أكبر المعوقات والتحديات التي تحول دون تطوير المنظومة الاقتصادية الشرعية هو عدم إدراك أهمية ووظيفة الفقه في تغيير سلبيات الواقع وما أفرزته سلوكيات الأفراد من مفاسد، ثم عدم استحضار النظرة المقاصدية في معالجة القضايا الاقتصادية المعاصرة. فالملاحظ على مستوى بعض الاجتهادات القائمة هو الاقتصار على إيجاد مسوغات شرعية أو مبررات واهية لسلوكيات محرمة من الناحية الشرعية، فعوض الاجتهاد لاستنباط حلول شرعية محكمة تعالج ما أفسده الناس بتأويلاتهم الفاسدة وادعاءاتهم المغرضة واتباعهم لأهوائهم وشهواتهم، غالبا ما يتم اللجوء إلى أسلوب التبرير عند دراسة جملة من القضايا الاقتصادية المعاصرة، إذ يتم في هذا الإطار تأويل النصوص الشرعية تأويلا لا يراعي ضوابط الشريعة، ولا ينضبط للقواعد الأصولية. بمعنى اعتماد أسلوب التعسف على مستوى التأويل، أو ما يسمى بعملية لي أعناق النصوص الشرعية لكي تتوافق في مضامينها المستخلصة مع معطيات الواقع، بدعوى أن هذا الأخير لا يمكن تغييره أو تعديله إلا وفق ما يفرضه علينا من حلول يبقى الأخذ بها أمرا إلزاميا لا محيد عنه. ولعل أفضل مثال يمكن الاستشهاد به في هذا الإطار تبرير التعامل بالفائدة بذريعة أن اقتصاد الدول بما فيها العربية والإسلامية قائم على المصارف الربوية، وأنها تمثل ضرورة ملحة لا يمكن تجاهلها، أو إنكار أهميتها في تحقيق التنمية، ولذلك نجد الأفراد بل والدول على حد سواء تقترض بالربا، الشيء الذي يعيق التنمية ويسبب في الأزمات المالية وبالتالي يكرس مزيدا من التبعية.
وخلاصة القول إن الاجتهاد الفقهي الصحيح هو ذلك الاجتهاد الجماعي المؤسساتي المستقل، الذي يضم الكفايات العلمية التي تجمع بين فقه الواقع وفقه الشرع، وتروم تفعيل الشريعة وتأكيد دورها على مستوى الحياة العملية للمسلم، أما الاقتصار على تبرير الواقع ومحاولة البحث عن أي سند يبرر ذلك من منطلق الفهم الخاص للنص، أو باسم المرونة أو مسايرة الحداثة، فهو أمر مرفوض من الناحية الشرعية، فالشريعة حاكمة لا محكومة، والأصل هو خضوع الناس للشريعة، لا تطويع الشريعة لأهواء الناس ورغباتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.