في سنة 2005 كان فريق بروسيا دورتموند الألماني على وشك الإفلاس، فقد كانت نفقاته المالية كبيرة جدا، ووجد نفسه غارقا في الديون، وأصبح هذا الفريق الألماني العريق الذي كان واحدا من مؤسسي الدوري الألماني مهددا بالاندثار، لكن هذا الفريق الذي كان سيختفي من خريطة الكرة الألمانية وجد نفسه وبعد ثماني سنوات قد اعتلى قمة كرة القدم الأوروبية، إلى جانب فريق بايرن ميونيخ الألماني، حيث سيتباريان اليوم السبت من أجل نيل لقب عصبة الأبطال بعد أن أزاحا من طريقهما فريقي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين. فكيف تحول بروسيا دورتموند من فريق مفلس على أبواب «الكارثة» إلى فريق ينافس على أعلى مستوى، بل وبلغ وبإمكانيات مالية محدودة مقارنة مع منافسيه نهائي عصبة الأبطال؟ كانت «كارثة» الإفلاس المالي في سنة 2005 هي نقطة التحول في حياة هذا الفريق، فقد دفعت مسؤوليه إلى إعادة التفكير بشكل جذري في الطريقة التي يتم بها تدبير الفريق، ووضعوا قيودا مالية كبيرة من أجل أن يستعيد توازنه، ثم قرر في سنة 2008 التعاقد مع المدرب يورغن كلوب، في إطار برنامج عمل يراهن على الاعتماد على أبناء مدرسة الفريق، دون صرف اعتمادات مالية كبيرة على انتداب اللاعبين. كان كلوب يعرف أن الفريق بدون مال تقريبا، وأن عليه أن يعتمد على إمكانياته الذاتية، ليحافظ على مكانته في الدوري الألماني، ثم يتطلع بعد سنوات للمنافسة محليا وخارجيا. اللاعبون الذين كانوا أطفالا أثناء أزمة الفريق المالية، تدرجوا عبر مختلف فئات بروسيا دورتموند، ثم انتزعوا بالعمل وبالتكوين الاحترافي مكانتهم في الفريق الأول، وفي النهاية نجح بروسيا في تشكيل فريق قوي يحظى بالاحترام، ويزعج أبرز الفرق الأوربية، بل إن هؤلاء اللاعبين كما أنهم صاروا مصدر سعادة لهذا الفريق، فإنهم في الوقت نفسه أصبحوا مصدر تمويل أساسي له، خصوصا بعد أن أصبحت الفرق تتهافت على الاستفادة من خدماتهم، كما هو حال ماريو غوتزه الذي سينتقل إلى بايرن ميونيخ، أو روبرت ليفاندوفسكي صاحب الرباعية التاريخية في مرمى ريال مدريد. لقد نجح بروسيا دورتموند، لأن تشخيص المرض تم بنجاح، ولأن وصفة العلاج كانت فعالة، ولذلك لم يخطئ المدير الإداري للفريق يواخيم فاتزكه، عندما عنون مسيرة بروسيا بقوله من الصفر إلى ويمبلي. كم من فريق مغربي اليوم، هو في نقطة الصفر، ولم يراهن مسؤولوه على وضع القطيعة مع سياسة انتداب اللاعبين الفاشلة، ألا يمكن أن يطبق نموذج بروسيا دورتموند في الرجاء والوداد والدفاع الجديدي والجيش الملكي و»الماص» وأولمبيك خريبكة، وأولمبيك آسفي وغيرها من الفرق.. إنه مجرد سؤال موجه لفصيلة المسيرين التي تراهن على الجاهز ولاتعمل على المدى الطويل ولا تصارح الجمهور بواقع فرقها المالي.