في تطور مثير لملف راح ضحيته ملياردير معروف قتله مدير مركزي بالبنك المغربي للتجارة الخارجية طمعا في ثروته، انتقلت القوات العمومية مرفوقة بمفوض قضائي، مؤخرا، إلى المقر الرئيسي للبنك المغربي للتجارة الخارجية من أجل الحجز على دين بذمته لورثة رجل الأعمال الذي كان يملك سلسلة فنادق وشركات صناعية معروفة. وعلمت «المساء» من مصادر متطابقة أن الحجز لم يستهدف فقط المقر الرئيسي للبنك بشارع الحسن الثاني بالدارالبيضاء، بل شمل 5 وكالات بنكية، إذ حرص المفوض القضائي على حجز أزيد من 480 حاسوبا وأكثر من 470 طابعة إضافة إلى 483 مكتبا و369 خزانة وعددا كبيرا من الكراسي، غير أن عملية الحجز توقفت في آخر لحظة بعد اتصالات هاتفية تلقاها المفوض القضائي، الذي التقى مسؤولين بالبنك المغربي للتجارة الخارجية لإيجاد تسوية للموضوع وتسلم المفوض شيكا بنكيا يتضمن 3 ملايين درهم هي جزء من الدين في انتظار تسوية باقي المبلغ، والذي يفوق 17 مليار سنتيم. وتعود التفاصيل الأولى للحادث إلى عقدين من الزمن حين كان الملياردير أوكريد ابراهيم، أحد رجال الأعمال يضع أمواله في ثلاثة حسابات متفرقة بفرع البنك المغربي للتجارة الخارجية بمكناس، والذي كان يشرف عليه آنذاك المدير المركزي عبد المجيد بنسودة، المتهم بقتل الملياردير ودفنه بحديقة فيلته، بعد أن اختلس 75 مليون درهم من حساب واحد فقط إضافة إلى 5 ملايين درهم من حساب آخر زيادة على سندات قيمها المالية كبيرة. وأدين المدير المركزي للبنك سابقا بالسجن المؤبد قبل أن يجري تخفيف العقوبة إلى المحدد كما أدين معه بعض أقاربه وأصدقائه. وعمد المتهم بقتل الملياردير طمعا في ثروته إلى تحويل أموال الهالك عبر دفعات إلى حساب رجل أعمال آخر كانت له حسابات بنكية بالوكالة المركزية نفسها دون أن ينتبه، ثم عمد بعد ذلك إلى استخراجها وتهريبها إلى خارج أرض الوطن. وحاول دفاع البنك المغربي للتجارة الخارجية، طيلة دفوعاته أمام هيئة المحكمة، نزع صفة التبعية بين البنك والمدير المركزي بمكناس المتهم بالقتل واختلاس أموال كبيرة، غير أن المحكمة حسمت في الأمر بطريقة نهائية بعد أن صدر قرار لمحكمة النقض، آنذاك، يعترف بأن المدير تابع للمؤسسة البنكية كما عينت المحكمة خبراء متخصصين لتحديد المبالغ المختلسة والفوائد البنكية المترتبة عنها منذ 1989 معتمدين على مئات الوثائق المقدمة من طرف عائلة الضحية كالدفاتر التجارية ووثائق العمليات المصرفية، ليصدر حكم ابتدائي بأداء البنك المغربي للتجارة الخارجية 75 مليون درهم قبل أن يتم نقضه بالمجلس الأعلى ليصبح 5 ملايين درهم فقط وتأييده في الباقي، الأمر الذي جعل التنفيذ والحجز والبيع بالمزاد العلني قانونيا. وسبق لمسؤولين بالبنك المغربي للتجارة الخارجية أن منعوا المفوض القضائي الأول المكلف بالملف من دخول المقر الرئيسي للبنك رفقة عناصر القوات العمومية، دون أن تحرر محاضر تقدم للنيابة العامة من أجل العصيان أو عرقلة تنفيذ حكم، ما دفع بورثة الملياردير أوكريد إلى استبدال المفوض والاعتماد على رئيس المجلس الجهوي للمفوضين سابقا سعيد بورمان، الذي قال ل»المساء» إن الحكم أصبح نهائيا وغير قابل لأي طعن أو إعادة نظر، وأن أي امتناع من طرف البنك المغربي للتجارة الخارجية سيعتبر مماطلة وتسويفا لذلك وجب على البنك التحرر مما هو مستحق عليه تكريما لسلطة القضاء واعترافا بحقوق المواطنين. واستعمل المفوض القضائي جميع الطرق القانونية لمباشرة الحجز التنفيذي على منقولات المقر الرئيسي للبنك وعدد من الوكالات والإعلان عن بيعها في مزاد علني، غير أن المسؤولين تدخلوا من أجل إنقاذ الموقف وأدوا جزءا من المبلغ المطلوب في التنفيذ قدر بحوالي 3 ملايين درهم ملتمسين أجل 15 يوما لتسوية الملف، دون أن يفوا بوعدهم. ومن المفارقات العجيبة التي يضمها الملف المثير للجدل، أن رجل الأعمال المعروف، قيد حياته، اختلست أمواله بمكناس من طرف المتهم بقتله عبد المجيد بنسودة، وفي اليوم نفسه اختلست 5 ملايين درهم من أمواله من طرف مدير وكالة بإسبانيا يدعى كذلك بنسودة ولا تربطه علاقة بالمتهم بالقتل. واستطاع ورثة أوكريد أن يسترجعوا الأموال المختلسة في ظرف 9 أشهر بعد أن صدر حكم نهائي ضد البنك الاسباني، في حين مازالوا يتبعون المساطر الطويلة منذ زهاء عقدين بالمغرب للحصول على حقوقهم.