ناقش أكاديميون وباحثون في مجال التربية والتعليم، موضوع القيم في المنظومة التربوية المغربية، حيث أجمعوا على ضرورة حضور القيم ضمن مشروع إصلاح منظومة التربية، في ندوة نظمت بمدرسة «نيلوفر» الخصوصية. وناقش مستشار رئيس الحكومة، والخبير في مجال التربية، خالد الصمدي، إشكالية القيم في علاقتها المباشرة بالمنظومة التربوية، حيث دعا إلى الانتقال من التفكير في إصلاح التعليم إلى إصلاح المنظومة التربوية، معتبرا أن «القطاعات كلها من إعلام وصحة وغيرها تعد شريكة في هذا الإصلاح»، وهي مسؤولية اعتبرها ملقاة على عاتق الدولة لتقديم رؤية مندمجة لتحقيق ذلك، من خلال توجه تلتقي فيه البرامج بين كل هذه القطاعات «في رؤية تكاملية تهدف في النهاية إلى توفير الشروط الواقعية لمشروع إصلاح المنظومة التربوية ككل». ودعا الصمدي، بعد ذلك، إلى الانتقال من الدور التقليدي للمدرسة، الذي يقتصر على تقديم المعارف في إطار زمني محدد، نحو مدرسة بأدوار جديدة تنسجم وواقع الإصلاح التربوي، الذي أضحى، حسب تعبيره، ضروريا وهاما، وأضاف الصمدي أن الأدوار الجديدة للمدرسة يمكن أن نُشَيِّدَ لها من خلال الانتقال من مدرسة بمفهومها التعليمي الصرف، إلى مركب سوسيو-ثقافي وترفيهي متنوع الخدمات وقادر على تأطير المتعلم علميا وتربويا وبيداغوجيا. في نفس المداخلة قدم الصمدي رؤيته حول الأدوار الجديدة للتدريس، حيث دعا إلى جعل المدرس مساهما أساسيا في مشروع المدرسة التربوي ووسيطا هاما بين الآباء والأبناء، إضافة إلى ضرورة اضطلاعه بدور المنشط والمؤطر الفني والثقافي للمتعلم. وخصص خبير التربية، الحيز الأخير في مداخلته لمسألة القيم، التي عرفها بكونها «تلك القيم الكونية العامة التي تحظى بقيمة عند جميع العقلاء كالعدل والمساواة والإنصاف», واعتبر أن المدرسة مدعوة إلى اعتماد مفهوم مندمج حول القيم من خلال رؤية تربوية متكاملة للمدرسة، عبر اعتماد ثلاثة أدوار هامة تبدأ بالبعد المعرفي والفكري والثقافي، ثم صقل المهارات وإعداد شخصية المتعلم في بعديها التواصلي والنقدي. واعتبر الصمدي أن مسألة شحن المعارف عند المتعلم دون إشراكه في العملية التعليمية لتقوية مهاراته «عملية تعليمية غير بناءة»، مشددا على ضرورة التربية على القيم وإعداد سلوك معين للمتعلم، ينسجم مع القيم المؤسسة على خصوصية البلد ومرجعيته، مؤكدا على ضرورة تبني مفهوم واضح وجاد للقيم في الإعلام والتعليم وداخل الأسرة. من جانبه، ركز الباحث في مجال التربية، محمد الراضي، على موضوع التربية على القيم في التدريس وتقاطعت مداخلته مع خالد الصمدي، حيث أكد بدوره على أهمية ترسيخ القيم في المنظومة التربوية وإيجاد الوسائل البيداغوجية الكفيلة لتكريس مشروع إصلاح متكامل, حيث دعا إلى مراجعة دقيقة للقيم في المناهج الدراسية، وبالتالي وضع الأسس البيداغوجية اللازمة لتأسيس تمدرس يقوم على رؤية هادفة للقيم، وتطرق في هذا الصدد لعلاقة التربية على القيم بالمنظومة التربوية ككل من خلال الأهداف والكفايات التي تم تسطيرها بمشروع إصلاح التعليم. أما أستاذ علوم التربية بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان، عبد الجليل بادو، فقد تمحورت مداخلته حول «التربية على القيم وأثرها على الحياة المدرسية»، حيث شدد على أهمية الدفع بمعطى القيم في منظومة التدريس مستدلا على ذلك بشكل علمي على مدى أهمية النتائج البيداغوجية والسيكولوجية التي قد يرسخها دمج مشروع للقيم متكامل في المسار التعليمي بالمغرب.