أخيرا، تحركت الحكومة لإنقاذ «مغرب ستيل»، التي تعتبر من أكبر شركات الصلب في المغرب، من إفلاس محقق بعد أن أقر مسؤولوها بتكبدهم خسائر قياسية، حيث عقد وزير المالية نزار بركة اجتماعا عاجلا مع الكونسورسيوم الممول للشركة، الذي يضم التجاري وفا بنك والبنك المغربي للتجارة الخارجية ومصرف المغرب، من أجل اتخاذ تدابير عاجلة لإخراج الشركة من أزمتها. وتميز الاجتماع، الذي عقد الأسبوع الماضي، حسب مصادر «المساء»، بنقاشات حادة بين الأطراف التي حضرته، حيث حاول الوزير إقناع ممثلي البنوك الثلاثة بضرورة إيجاد حلول للمشاكل المالية التي تعيشها الشركة، التي تشكل أحد أهم أقطاب صناعة الصلب في المغرب وإفريقيا، وهو الأمر الذي رضخ له هؤلاء بعد الحصول على ضمانات كافية من وزير المالية. وخلص الاجتماع إلى وضع خطة عاجلة لإنقاذ «مغرب ستيل»، حيث تم الاتفاق على إعادة جدولة ديون الشركة على مدى 10 سنوات، مع تخفيض معدلات الفائدة البنكية في السنوات الثلاث الأولى، من أجل إعطاء نفس جديد لمالية الشركة، ومنحها فرصة لإعادة هيكلة نفسها. بالمقابل، لم تقف وزارة المالية مكتوفة الأيدي، إذ قررت منح الشركة غلافا ماليا يقدر ب100 مليون درهم، عن طريق صندوق إنعاش الاستثمارات، من أجل تمكين مسؤوليها من السيولة الضرورية لدعم رأس مال الدوران وتغطية النفقات العاجلة للشركة. وكانت مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ربطت الاتصال بالعديد من الجهات، سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص، من أجل مساعدة «مغرب ستيل» على الخروج من أزمتها وإنقاذها من الإفلاس، معتبرة أن ترك هذه الشركة تواجه مصيرها لوحدها سيشكل ضربة للاقتصاد الوطني. وأكدت مصادر «المساء» أن بنصالح التقت في عدة مناسبات بالمدير العام للشركة فاضل السقاط من أجل إيجاد حلول للمأزق التي تعيشه الشركة. كما اتصلت بالعديد من المؤسسات البنكية من أجل التوصل إلى تخفيف الضغوط المالية على الشركة وإعادة جدولة ديونها، مشيرة إلى أن الأبناك والممونين يتعاملون بنوع من الحذر من هذا المشكل، حيث يتخوفون بشدة من خسارة أموالهم إذا ما أعلنت الشركة إفلاسها. وحسب المدير العام ل«مغرب ستيل»، فإن الأزمة التي تتخبط فيها الشركة تعزى أساسا إلى تراجع كبير في صادراتها نحو أوربا التي تعيش أزمة خانقة، موضحا أن السوق الأوربية كانت واعدة بالنسبة للشركة، حيث كانت تستهلك كميات مهمة من الصلب، غير أن الأزمة خفضت الطلب في العديد من البلدان إلى مستويات غير مسبوقة، بل إن بعض الشركات الأوربية بدأت تصدر فوائضها إلى المغرب بأثمان بخسة، وهو ما أدى إلى إغراق السوق المغربية. وأضاف السقاط أن الصلب الأوربي معفى من الرسوم الجمركية، حسب اتفاق التبادل الحر الموقع مع المغرب، وهو الأمر الذي جعل الأوربيين يكسرون الأسعار المعمول بها في المغرب ويدفعون بعض الشركات المغربية إلى البيع بالخسارة، في الوقت الذي تكتفي السلطات بالتفرج.