أظهرت دراسة حديثة أجريت في جامعة كوبنعاغن أن الإجهاد الجسدي يحدث أولا في الدماغ. الدراسة التي نشرت نتائجها الأسبوع الماضي سلطت الضوء على الدور الذي يلعبه الدماغ في إحساسنا بالتعب، وفي تحديد مستويات تحمل الأشخاص للجهد البدني والعضلي. ووفق نتائج الدراسة فالإجهاد الجسدي يقع عندما يصاب الدماغ بالإعياء، مثل باقي عضلات الجسم. وتبين لفريق العلماء الذي أنجز الدراسة أن الناقلات العصبية الرئيسية في المخ التي تسيطر على الإشارات المتبادلة بين الخلايا العصبية يمكنها تحديد ما إذا كان شخص ما سيشعر بالإجهاد بعد إجراء التمارين الرياضية، أم عقب تناول أدوية مضادة للاكتئاب مثل بروزاك. وعلى الرغم من أن مستويات السيروتونين ترتفع أثناء ممارسة التمارين الرياضية، الأمر الذي يمنح قوة نفسية للإنسان ويبعث على الإحساس بالارتياح، إلا أن ذلك من شأنه كذلك أن يؤدي إلى الإجهاد والتعب العام وعدم القدرة على مواصلة التمرين، حسب ما توصل إليه فريق العلماء. وتوصل فريق البحث برئاسة البروفيسور جون فرانسوا بيريي بجامعة كوبنهاغن، إلى الاكتشاف بكون السيروتونين يساعد في استمرار الأشخاص في ممارسة التمارين في البداية، إلا أن تزايد نشاط الناقلات العصبية بالدماغ قد تكون له نتائج عكسية تؤدي إلى الإعياء «التام» في الجهاز العصبي حتى حين تكون العضلات قادرة على مواصلة هذه التمارين. «نستطيع الآن القول بأن الزيادة في تدفق كمية السيروتونين هو ما يحفز عمل أحد آليات الكبح بالدماغ. وبصيغة أخرى يعمل السيروتونين في الآن نفسه كمسرع وككابح عندما تزداد درجة الإرهاق،» يقول البروفيسور بيريي، الذي نشرت الدراسة التي أشرف عليها بدورية الأكاديمية الوطنية للعلوم. «وهذا الاكتشاف يقربنا خطوة من إيجاد سبل لضبط السيروتونين، أو التعرف على ما إذا كان له أثر تحفيزي أو يسبب الإعياء العام. الأمر برمته يكمن في تفعيل المستقبلات التي يرتبط عملها بالسيروتونين على نحو اختياري،» يقول البروفيسور بيريي قبل أن يضيف: «إن هذا الاكتشاف قد يساعدنا في تفسير سبب شعور من يتناولون حبوبا مضادة للاكتئاب بالتعب والكسل أكثر من غيرهم وهذا ما قد يمكننا من إنتاج أدوية أفضل».