سويسرا: تبرئة بلاتيني وبلاتر مجددا في محكمة الاستئناف في قضية فساد    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    توقيف شاب متورط في السياقة الاستعراضية في شوارع طنجة    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    اكتشاف طريق معبّدة تعزّز الربط التجاري بين المغرب ومنطقة الساحل    نبيل باها: أشبال الأطلس يطمحون إلى إبقاء لقب "الكان" بالمغرب    حقينة سدود المملكة تواصل الارتفاع    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الاقتصاد الرياضي قطاع واعد لإدماج الشباب بجهة الشرق    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    "العدالة والتنمية" ينبه الحكومة إلى خرق اتفاقية تسهيل استرداد تكاليف الرعاية الطبية    موظفو الجماعات يشكون أخنوش ولفتيت ويلتمسون تدخل الملك    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم العسكري لموريتانيا في إطار مكافحة تهديدات الساحل    الصين وتايلاند يجريان تدريبات بحرية مشتركة    رمسيس بولعيون يكتب.. أزمة الناظور الحقيقية: نهدم النجاح ليفشل، ثم نرثيه ببكاء التماسيح!    إسرائيل تقتل 5 أشخاص في سوريا    رئيس الحكومة الأسبق "بنكيران" يمثل أمام القضاء.. تفاصيل مثيرة    القضاء الهولندي يلغي قرار إسقاط الجنسية عن المغاربة المدانين بالإرهاب وينتصر لهم    المغرب في مواجهة تنزانيا لحسم بطاقة المونديال وإعادة الاطمئنان للأنصار..    رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات يحضر الجمع العام لعصبة جهة الشرق بوجدة    رافينيا يشعل مباراة الأرجنتين والبرازيل.. وليونيل سكالوني يرد    المنتخب المغربي يقترب من تحسين ترتيبه في تصنيف ال"فيفا" العالمي    بعد اعتصام لحراس الأمن وصل 55 يوماً.. "إعفاء" مديرة المستشفى الجهوي ببني ملال    أسعار النفط ترتفع لليوم الخامس بسبب مخاوف بشأن الإمدادات    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    ميناء طنجة المتوسط يتصدر إفريقيا والمتوسط ويعزز موقعه عالمياً    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    أسعار الذهب تتراجع مع صعود الدولار لأعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين    طقس غائم مع نزول قطرات مطرية في توقعات الثلاثاء    مدينة أطاليون تستعد للإقلاع.. خطة استراتيجية جديدة من مارشيكا ميد    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    إيطاليا.. حجز أكثر من 10 كلغ من الكوكايين في مطار فلورنسا    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    بأزيد من 3 مليارات درهم.. توسعة مطار طنجة ابن بطوطة لرفع طاقته الاستيعابية إلى 7 ملايين مسافر    بعد عمليات الهدم.. تلاميذ بالرباط يقطعون 30 كيلومترا للتمدرس    الخلوي: "الدوري الإماراتي تنافسي"    إعفاء مديرة مستشفى بني ملال    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    قمة التناقضات: الجزائر وجنوب أفريقيا تدعمان حق تقرير المصير في الصحراء المغربية لكن ترفضان تطبيقه في أراضيهما    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    مراكش تحتضن كأس العالم لسلاح سيف المبارزة ما بين 27 و30 مارس    طنجة.. المصادقة على هدم "البلاصة الجديدة" وتعويضها بمركب تجاري ومرائب وعلى توسعة طرق رئيسية استعدادا للمونديال    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    الوزارة تؤكد التزاما بالقضاء على داء السل    الإعلان عن تسجيل 4 سدود بجهة الشمال معدل ملء يصل إلى 100 في المائة    جدل "إهانة طبال" .. هذه كواليس حفل سلمى الشنواني في فاس    مسلسل "الدم المشروك"… يثير الجدل بسبب بطء أحداثه    مهرجان باريس للكتاب.. تفاصيل البرنامج الخاص بالمغرب    بودشيش يدعو إلى تأطير المحتوى الرقمي    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة تتراجع والنظام أيضا
نشر في المساء يوم 28 - 02 - 2013

تشهد الساحة السورية وامتداداتها الإقليمية حراكين لافتين هذه الأيام، الأول سياسي عنوانه الأبرز الزيارة التي يقوم بها جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، للمنطقة؛ والثاني عسكري يتبلور على شكل إمداد بعض الفصائل العسكرية السورية «غير الإسلامية» بأسلحة
نوعية حديثة.
الأمريكيون يسرّبون أنباء تفيد بأن الرئيس باراك أوباما بدأ يبلور استراتيجية جديدة تقضي بالتخلي عن مواقفه السابقة في البقاء بعيدا عن الأزمة السورية، وسياسة الحذر التي اتبعها طوال العام الماضي، ورفع الحظر عن تزويد المعارضة المسلحة بالأسلحة.
وليم هيغ، وزير الخارجية البريطاني، الذي تعتبر بلاده الأقرب إلى القلب الأمريكي، يمثل زعيم الصقور في المعسكر الأوربي تجاه سورية، وبات يتحدث عن زيادة مساعدات بلاده للمعارضة السورية، دون أن يحدد نوعية هذه المساعدة، وما إذا كانت إنسانية أو عسكرية، ولكن مطالبته لدول الاتحاد الأوربي في اجتماعها الأخير في بروكسيل بعدم تجديد الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى سورية، الذي ينتهي بنهاية هذا الشهر، تكشف عن استعداد للمزيد من الدعم العسكري.
الإسرائيليون يتحدثون أيضا عن كون موافقتهم على تسليح المعارضة السورية المسلحة بأسلحة غير نوعية ممكن أن تكون فاعلة ضد النظام، ولكنها ليست كذلك في حال استخدامها ضدهم، وذكرت صحف إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو على اتصال بواشنطن للتنسيق في هذا الخصوص.
الإدارة الأمريكية لم تمانع مطلقا في تزويد المعارضة بأسلحة متطورة، ولكنها كانت تخشى أن تصل إلى الجماعات الإسلامية الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، التي وضعتها قبل شهرين على قائمة الإرهاب.
هذا التغيير الخجول في الموقف الأمريكي تجاه الثورة السورية وتسليحها أدى إلى تطورين أساسيين يجب التوقف عندهما وتحليل أبعادهما:
- الأول، تراجع الائتلاف الوطني السوري عن «حرده» الذي أراد من خلاله توجيه رسالة قوية إلى واشنطن تعبر عن يأسه وإحباطه، أعلن فيها رفضه المشاركة في اجتماع أصدقاء سورية في روما أواخر الشهر الحالي، وكذلك تلبية دعوة أمريكية وأخرى روسية لزيارة كل من واشنطن وموسكو؛ وبات في حكم المؤكد، وبعد اتصالات من روبرت فورد سفير امريكا لدى المعارضة السورية، أن يشارك وفد من الائتلاف برئاسة الشيخ معاذ الخطيب في مؤتمر روما، والذهاب إلى واشنطن لاحقا، ولكن زيارة موسكو ما زالت موضع شك؛
- الثاني، حدوث ليونة أو مرونة في الموقف السوري الرسمي تجاه الحوار مع المعارضة، عبّر عنها السيد وليد المعلم، وزير الخارجية، عندما قال يوم الاثنين «إن حكومته جاهزة للحوار مع كل من يرغب في الحوار، بمن في ذلك من حمل السلاح»، وتأكيده أن «الإصلاح لن يأتي من خلال سفك الدماء بل من خلال الحوار».
السيد المعلم قال قبل أشهر معدودة إن الحوار سيتم بعد القضاء على الجماعات الإرهابية وتطهير البلاد منها، مما يعكس الفارق الكبير بين
اللهجتين.
المنطق يقول إن هناك قناعة تتبلور لدى النظام السوري وأركانه مفادها أن الانتصار وحسم الأمور بالوسائل العسكرية لم يعد ممكنا، ولذلك بدأ يعطي إشارات بجنوحه إلى الحلول السياسية عبر بوابة المفاوضات.
المعارضة السورية بدأت بدورها تطور قناعة موازية بأن حلفاءها في واشنطن وأوربا والمنطقة العربية خذلوها وتركوها في وسط الطريق تواجه مصيرها بنفسها، دون سلاح نوعي ودون تدخل خارجي، وهذا ما يدفعها إلى «الحرد» أولا، والتقدم بمبادرات حوار مع النظام على غرار ما فعل الشيخ الخطيب. وإذا كانت تريد سلاحا نوعيا فمن أجل تحسين شروطها التفاوضية.
لقاء كيري مع نظيره السوفياتي سيرجي لافروف الأربعاء (اليوم) في برلين قد يجيب عن الكثير من الأسئلة المطروحة، سواء حول وجود خطة حلّ سياسي للأزمة السورية أو اللجوء إلى التصعيد العسكري، وربما المواجهة من خلال حلفاء كل طرف، اي مواجهة بالنيابة.
يصعب علينا أن نتفاءل ونراهن على حلول سلمية تحقن الدماء وتوقف مسلسل الخراب، فمن الواضح، بالنسبة إلينا على الأقل، أن حديث الطرفين عن هذه الحلول مخادع، فكل طرف يطرح شروطا تعجيزية من أجل أن يرفضها الطرف الآخر.
النظام السوري عميد «أكاديمية» المراوغة والمناورة الإيرانية، ولن يقبل بحلّ يؤدي إلى تنحي الرئيس بشار عن الحكم، خاصة أنه صمد طوال العامين الماضيين، والمعارضة لن تقبل، وهذا أمر مفهوم، بأي حل سياسي يقود إلى حكومة انتقالية تحت مظلة رأس النظام السوري.
الانهيار السوري مرشح للاستمرار لأشهر، وربما لسنوات قادمة، لأن النظام وحلفاءه ليسوا في مزاج يوحي بالرغبة في الاستسلام ورفع الراية البيضاء، وكذلك حال المعارضة، خاصة بعد استشهاد تسعين ألف سوري وملايين الجرحى والمشردين.
سورية تتفكك، وتتحول بتدرج سريع إلى دولة فاشلة ستمثل خطرا على المنطقة بأسرها، وسيستمر هذا الخطر بوجود النظام أو زواله، ولا نبالغ إذا قلنا إن الخطر الأكبر سيكون بعد سقوط النظام، هذا إذا
سقط.
في شهر دجنبر الماضي التقيت بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في العاصمة عمان، وسألته عن أكثر شيء يقلق الغرب في ما يتعلق بالملف السوري، أجاب الأسلحة الكيماوية ومرحلة ما بعد الأسد. طلبت منه أن يشرح أكثر حول النقطة الثانية فقال إن الغرب يتوقع أن يتم إنهاء خطر الجماعات الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، في خلال عامين.
هنا قلت للعاهل الأردني إن هذا التقدير يكشف مدى قصور فهم هذا الغرب، وتكراره الأخطاء نفسها بإصرار أو عناد منقطع النظير، فالاحتلال الأمريكي للعراق، الذي استمر عشر سنوات، لم يقض على الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، والاحتلال الأمريكي لأفغانستان المستمر منذ 12 عاما يترنح وسيهزم أمام هذه الجماعات وحركة طالبان الحاضنة لها.
الجماعات الجهادية هي العنوان المستقبلي ليس للأزمة السورية وربما للمنطقة بأسرها، فهزّ العاهل الأردني رأسه ولم يعلق.
سورية تحتضر كدولة في غرفة إنعاش بائسة الأجهزة والمعدات، ولا نعلم كم ستطول مدة الاحتضار هذه، وهل ستتحقق معجزة الشفاء في زمن وفي منطقة تنعدم بل تستحيل فيها المعجزات.

عبد الباري عطوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.