كأس إفريقيا: 868 ألف مسافر عبروا مطارات المغرب في 11 يومًا    "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    كأس إفريقيا: الركراكي يتحدث عن الضغط وحكيمي يؤكد جاهزية "الأسود"    القوات المسلحة الملكية تقيم مستشفيات ميدانية في أزيلال والحوز وميدلت    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    من طنجة.. أخنوش يعلن إصدار كتاب "مسار الإنجازات" ويدعو المواطنين للمشاركة في بناء مغرب صاعد    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    هذا موعد حفل افتتاح كان 2025 وتنبيهات تنظيمية للجماهير    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    "الأحرار" يثمن مضامين قانون مالية 2026 ويستعرض استعداداته لعقد مجلسه الوطني    عشية انطلاق كأس إفريقيا.. أكادير تضع اللمسات الأخيرة لاستقبال ضيوفها    كأس إفريقيا للأمم: المغرب يفتتح المنافسات بمواجهة جزر القمر    ‬المغاربة يتطلعون إلى انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم بمعنويات مرتفعة    منيب تتقدم بمقترح للعفو العام عن المعتقلين على خلفية حراك "جيل زيد"    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    إيداع نزهة مجدي سجن العرجات بسلا    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    بريد المغرب يصدر طابعاً بريدياً تذكارياً احتفاء بمئوية مهنة التوثيق بالمغرب    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لكأس إفريقيا للأمم    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    كأس السوبر الإيطالية: بولونيا يضرب موعدا مع نابولي في النهائي بعد فوزه على إنتر    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    هل تنجح فرنسا في تقنين وصول القاصرين إلى شبكات التواصل الاجتماعي؟    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    هاتوا الكأس للمغرب    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة        وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    أسماء لمنور تضيء نهائي كأس العرب بأداء النشيد الوطني المغربي    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    كالحوت لا يجتمعون إلا في طاجين !    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    الشرطة الأمريكية تعثر على جثة المشتبه به في تنفيذ عملية إطلاق النار بجامعة براون    "الصحة العالمية": أكثر من ألف مريض توفوا وهم ينتظرون إجلاءهم من غزة منذ منتصف 2024    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأس السنة وأطرافه الأخرى
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2008

سيمر رأس السنة الملفوف بالضمادات والشراشف البيضاء كأي جندي عائد لتوه من جبهة الحرب.
سيمر بأرجله المعطوبة في الحوادث والمعارك الطاحنة والحروب الأهلية.
سيمر بيديه المصابتين بحروق من الدرجة الثالثة بسبب قبضه على جمرة الحقيقة، وأظافره المقتلعة بسبب كثرة الاستنطاقات وجلسات التعذيب داخل أقبية الدول المتخلفة.
سيمر بقلبه المنهك والمصاب بالذبحة بسبب كل الخيانات التي عاشها، وبكليتيه اللتين تنتظران متبرعا من العالم الثالث بعد أن توقفتا عن تصفية دمائه المصابة بفقر الشعور الوطني.
سيمر رأس السنة المليء بالصداع النصفي وأذناه المصابتان بالطنين المزمن من كثرة الشكاوى والتوسلات.
سيمر بأنفه الذي يشتم به رائحة الكوارث بعد فوات الأوان، والمجدوع في أكثر من انقلاب.
سيمر بشفتيه المتقرحتين بسبب كثر القبل المنافقة بين زعماء العالم في المؤتمرات والقمم.
سيمر بظهره المقوس من كثرة الانحناء احتراما لمواكب الجيوش وخطوط الدبابات الشبيهة بخطوط النمل، والتي تدوس الحدود بين الدول الجارة كما يدوس فيل آنية فخار.
سيمر رأس السنة المشقق لفرط النقر عليه طيلة السنة بحثا عن فكرة طيبة بلا طائل.
سيمرَّ بخاطره المكسور مثل آنية ثمينة في المطبخ وبضميره المحطم مثل عش طيور داهمته عاصفة ثلجية.
سيمر بجبهته التي نزلت إليها الجيوش وتحاورت بكل أنواع الأسئلة حول موضوع قديم يحمل اسم «البقاء للأقوى».
سيمر بتجاعيده التي ازدادت عمقا بسبب الألم في المفاصل والظهر. سيمر بعكازه الذي فرضه عليه دركي العالم، بسبب تباشير الروماتيزم التي بدأت تظهر عليه من كثرة الانحسار المناخي.
سيمر بصدره المخنوق بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم تنفعه معها كل «فونطولين» العالم. سيمر بسعاله الحاد الذي انتقلت عدواه من عيادة بورصة «والت ستريت» إلى باقي بورصات العالم، حيث يراكم أحفاد قارون ثرواتهم ويكنزونها في شراء الأسهم والسندات.
سيمر رأس السنة المتخم بالأوهام حول السلام والتعايش، فيما شركات الأسلحة متعددة الجنسيات تدفع الملايير للأبحاث حول تطوير فاعلية أسلحتها للقتل بشكل أسرع في الحروب المستقبلية.
سيمر رأس السنة بأسنانه التي يتناقص عددها بالتدريج بانتظار أن تسقط كلها بالضربة القاضية.
سيمر رأس السنة منفوش الشعر بسبب تقافز زعماء العالم فوقه مثل أطفال أشقياء. كل زعيم يريد أن يلهو بالكرة الأرضية في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض لوقت أطول من الآخرين.
سيمر رأس السنة بمكنسته الكهربائية التي ستنظف العالم من الفقراء والضعفاء لكي تتركه نقيا وفسيحا لأغنياء البورصات والبنوك العملاقة.
سيمر بشاربه الذي قصه الأقوياء وعلقوه في غرفة نومهم ليذكروا زوجاتهم كل ليلة بانتصاراتهم التاريخية.
سيمر رأس السنة بحذائه المثقوب الذي تتسرب منه المسافات وتضيع هدرا في الطرقات، فلا يصل أبدا إلى أي مكان ويبقى حيث هو يراوح مكانه إلى الأبد.
سيمر رأس السنة الحسير بسبب الخجل مما يقع لهذا العالم العربي الذي لكثرة تعظيمه للتخلف صار من الضروري بناء نصب تذكاري على شرفه في كل عاصمة.
سيمر رأس السنة وسيحمل «بابا نويل» هداياه للشعوب العربية.
قليل من قنينات الغاز المسيل للدموع هنا، وحفنة من الهراوات هناك، ومزيد من أنابيب لصاق «إيهي» للزعماء فوق كراسيهم حتى لا يستطيع أحد تقليعهم من فوقها.
سيمر رأس السنة المقطوع على مقاصل العدالة الدولية والمرفوع فوق رايات الحلفاء والمعلق على مداخل أبواب المدن العربية.
سيمر رأس السنة بذاكرته القصيرة مثل حبل الكذب، والمثقوبة مثل أحذية عساكر العالم الثالث.
سيمر بأضراسه المسوسة من كثرة تناول الوعود المعسولة بغد أفضل، والبرامج زائدة الحلاوة التي يزدردها بنهم في المؤتمرات والقمم.
سيمر بصدره المعظم، من العظام وليس العظمة.
سيمر بظهره الموشوم بضربات السياط في مخافر التعذيب العربية، حيث الاعتراف بحب الوطن يكلف أحلى سنوات العمر.
سيمر رأس السنة المهموم، ينفث دخان سيجارة رديئة، متخفيا داخل قبعته لكي لا تتبعه لجنة تفتيش أممية بدعوى امتلاكه لأسلحة دمار شامل.
سيمر بعينيه اللتين اقتلعتهما نيران صديقة ووضعت مكانهما منظارين يقربان كل الأهداف بوضوح ويبصرانها في الظلام بالأشعة فوق الحمراء، فيما ملايين الفقراء في العالم لا يرون بعضهم البعض في الليل سوى بفضل ضوء القمر.
سيمر رأس السنة المليء بالأدخنة من كل نوع، دخان المعارك بالنسبة للأقوياء، ودخان الشيشة بالنسبة للضعفاء، ودخان السيارات بالنسبة للعمال في المصانع الحقيرة، ودخان الحطب بالنسبة للأمهات اللواتي يجلسن لإعداد الخبز فوق روث البقر في القرى الرائعة والبعيدة عن المدن العصابية.
سيمر رأس السنة سعيدا بكل ما حدث له.
سيأكل الحلوى والديك الرومي ويشرب نخبه في صحة الذين قاوموا كل عوامل الانقراض وبقوا معه.
سيمر رأس السنة هذا العام أيضا، دون أن ينتبه أحد إلى أنه فقد أهم أطرافه في الطريق.
قلبه وضميره والكثير من حواسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.