زارت «المساء»، صباح أمس الاثنين، منطقة بني جميل البعيدة عن مدينة الحسيمة بحوالي 80 كيلومترا، والتي كانت قد شهدت مواجهات بين السكان وقوات الدرك بسبب أمر من السلطة يقضي بمنع زراعة القنب الهندي في المنطقة؛ وتوقفت عند آثار الدمار الذي لحق كلا من جماعة بني جميل وقيادتها والتخريب الذي طال بعض اللافتات على طول 3 كيلومترات، على إيقاع شعارات قوية رددها متظاهرون غاضبون، من قبيل: سوا اليوم سوا غدا الكيف ولا بد». وكشفت مصادر رسمية ل«المساء» أن قوات الدرك تعتزم استدعاء متظاهرين شاركوا في احتجاجات يوم السبت الماضي وسط غضب غير مسبوق يسود المنطقة، مضيفة أنها تتوفر على أشرطة فيديو وصور وتقارير أمنية ستقود أكثر من 40 متظاهرا إلى التحقيق؛ فيما قال السكان، في تصريحات متطابقة للجريدة، إن اعتقال أي مواطن ينتمي إلى المنطقة هو بمثابة إعلان صريح لاندلاع مواجهات عنيفة ستكون كل قبائل المنطقة المعروفة بزراعة الكيف مسرحا لها خلال الأيام القادمة، مؤكدين بنبرة غاضبة أن الأوضاع إذا ما بقيت على ما عليه الآن فإنها تنذر بكارثة حقيقية لأن زارعة القنب الهندي (الكِيف) في المنطقة هي المورد الوحيد الذي يعيل آلاف الأسر. وعن تفاصيل المواجهات التي دارت رحاها يوم السبت الماضي، قال شهود عيان إن شيخ المنطقة بمعية ثلاثة من معاونيه قاموا أبلغوا السكان في يوم السوق الأسبوعي بقرار منع زراعة الكيف، الشيء الذي أدى إلى خروج مئات من المواطنين غاضبين إثر هذا القرار، وعمدوا إلى تكسير كل مكاتب الجماعة، بما فيها مكتب الرئيس، وإتلاف الوثائق والسجلات، ولم يسلم مقر القيادة بدوره من أعمال التخريب التي نفذها المتظاهرون الذين عمدوا بعد ذلك إلى قطع الطريق الساحلية الرابطة بين الحسيمة وطنجة لأكثر من ثلاث ساعات. وأبرز شهود عيان أن قوات الدرك والقوات المساعدة لم تستطع وقف الاحتجاجات التي قادها السكان نظرا إلى الكم الكبير من المتظاهرين الذين شاركوا فيها، فيما تحدث آخرون عن وجود تعزيزات أمنية كبيرة في المنطقة تحسبا لأي تحرك احتجاجي جديد. في السياق ذاته، أكد العرافي الركاني، نائب رئيس جماعة بني جميل، في تصريح أدلى به ل»المساء»، أن معالجة هذا الموضوع تقتضي مقاربة تشاركية بعيدا عن المقاربة الأمنية الصرفة، مفجرا قنبلة مدوية حينما تحدث عن تحريض قبطان للدرك على استعمال العنف ضد مزارعي الكيف قائلا في هذا الصدد إن القبطان قال في اجتماع سابق مع السلطات المحلية: «استعملوا كل الوسائل لمحاربة زراعة القنب الهندي، وإذا اقتضى الأمر استعملوا الطائرات وأطلقوا الرصاص على كل مخالفي القوانين»، مبرزا أن مثل هذا التصريح في اجتماع رسمي لن يؤدي إلى شيء سوى إلى تأجيج الأوضاع وإشعال فتيل الاحتجاج من جديد في منطقة معزولة ومفتقرة إلى أبسط شروط العيش الكريم. وفي المنحى ذاته، يستعد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعددية داخل البرلمان لاستدعاء كل من امحند العنصر، وزير الداخلية، والشرقي الضريس، الوزير المنتدب في الداخلية، لاستفسارهما عن الحيثيات المرتبطة بقرار المنع الذي طال زراعة القنب الهندي في منطقة الريف دون إشراك المواطنين والفلاحين والسلطات المحلية في دراسة تبعات هذا القرار، حسب مصادر «المساء».